٢٥١ - وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نِعْمَ الرَّجُلُ الْفَقِيهُ فِي الدِّينِ ; إِنِ احْتِيجَ إِلَيْهِ نَفَعَ، وَإِنِ اسْتُغْنِيَ عَنْهُ أَغْنَى نَفْسَهُ» " رَوَاهُ رَزِينٌ.
ــ
٢٥١ - (وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (نِعْمَ الرَّجُلُ) أَيِ: الْكَامِلُ فِي الرُّجُولِيَّةِ (الْفَقِيهُ فِي الدِّينِ) الْفَقِيهُ: هُوَ الْمَخْصُوصُ بِالْمَدْحِ، وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ، أَيِ: الَّذِي فَقِهَ فِي الدِّينِ، وَعَلِمَ مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَيَنْفَعُ النَّاسَ، وَلِذَا وَرَدَ: " «مَنْ عَلِمَ وَعَمِلَ وَعَلَّمَ؛ يُدْعَى فِي الْمَلَكُوتِ عَظِيمًا» ; وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْفَقِيهِ مَنْ يَعْلَمُ الْفُرُوعَ فَقَطْ، كَمَا فَهِمَ ابْنُ حَجَرٍ وَتَبَجَّحَ بِهِ بِنَاءً عَلَى مَا وَهِمَ، وَنَقَلَ أَنَّهُ قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ: إِنَّ غَايَةَ الصُّوفِيِّ الْمُحِقِّ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ كَرَامَةٌ أَوْ كَرَامَاتٌ فَيَفْتَخِرَ بِهَا هُوَ وَجَمَاعَتُهُ الدَّهْرَ، وَالْفُقَهَاءُ تَظْهَرُ لِلْوَاحِدِ مِنْهُمُ الْكَرَامَاتُ الْكَثِيرَةُ بِفَتْحِ أَبْوَابِ تِلْكَ الْأَحْكَامِ الْعَلِيَّةِ لَهُ وَإِلْهَامِهِ فِيهَا مَا لَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ إِلَيْهِ فَيُفِيدُ مِنْهُ مَا لَا يُحْصَى اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا كُرِهَ مِنْ غَايَةِ الصُّوفِيِّ صَدَرَ عَنْ قِلَّةِ التَّحْقِيقِ، فَإِنَّ بِدَايَتَهُ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِفًا بِنِهَايَةِ مَا ثَبَتَ بِالنُّبُوَّةِ عِلْمًا وَعَمَلًا وَتَعْلِيمًا عَلَى شَرِيطَةِ الْإِخْلَاصِ، وَأَمَّا نِهَايَتُهُ فَالَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُعَبَّرَ عَنْهَا هُوَ أَنْ يَصِيرَ مُسْتَغْرِقًا فِي مُشَاهَدَةِ مَوْلَاهُ وَفَانِيًا عَمَّا سِوَاهُ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الْفَارِضِ بِقَوْلِهِ:
وَلَوْ خَطَرَتْ لِي فِي سِوَاكَ إِرَادَةٌ ... عَلَى خَاطِرِي سَهْوًا حَكَمْتُ بِرِدَّتِي
وَأَمَّا الْكَرَامَةُ فَعِنْدَهُمْ حَيْضُ الرِّجَالِ فَهَيْهَاتَ هَيْهَاتَ بَيْنَ الْهَيْئَاتِ، وَقَدْ قَالَ الْغَزَالِيُّ: ضَيَّعْتُ قِطْعَةً مِنَ الْعُمُرِ الْعَزِيزِ فِي تَأْلِيفِ الْبَسِيطِ وَالْوَسِيطِ وَالْوَجِيزِ، وَلَكِنْ سُبْحَانَ مَنْ أَقَامَ الْعِبَادَ بِمَا أَرَادَ، وَكُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (إِنِ احْتِيجَ) : بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا، شَرْطِيَّةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لِبَيَانِ اسْتِحْقَاقِ الْمَدْحِ، أَيْ: إِنِ احْتَاجَ النَّاسُ (إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى فِقْهِهِ (نَفَعَ) أَيْ: غَيْرَهُ (وَإِنِ اسْتُغْنِيَ عَنْهُ) : عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (أَغْنَى نَفْسَهُ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: قُوبِلَ نَفَعَ بِأَغْنَى لِيَعُمَّ الْفَائِدَةَ، أَيْ: نَفَعَ النَّاسَ وَأَغْنَاهُمْ بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَنَفَعَ نَفْسَهُ وَأَغْنَاهَا بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَتِلَاوَةِ كِتَابِ اللَّهِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ (رَوَاهُ رَزِينٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute