للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

٣٧٠١ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ; عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا، وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ غَفَلَ، وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ افْتُتِنَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ: «مَنْ لَزِمَ السُّلْطَانَ افْتُتِنَ، وَمَا ازْدَادَ عَبْدٌ مِنَ السُّلْطَانِ دُنُوًّا إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا» .

ــ

٣٧٠١ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ سَكَنَ الْبَادِيَةَ جَفَا» ) ; أَيْ جَهِلَ، قَالَ تَعَالَى: {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة: ٩٧] وَقَالَ الْقَاضِي: جَفَا الرَّجُلُ إِذَا غَلُظَ قَلْبُهُ وَقَسَا، وَلَمْ يَرِقَّ لِبِرٍّ وَصِلَةِ رَحِمٍ، وَهُوَ الْغَالِبُ عَلَى سُكَّانِ الْبَوَادِي لِبُعْدِهِمْ عَنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقِلَّةِ اخْتِلَاطِهِمْ بِالنَّاسِ، فَصَارَتْ طِبَاعُهُمْ كَطِبَاعِ الْوُحُوشِ، وَأَصْلُ التَّرْكِيبِ لِلنَّبْوِ عَنِ الشَّيْءِ، (وَمَنِ اتَّبَعَ الصَّيْدَ) ; أَيْ لَازَمَ اتِّبَاعَ الصَّيْدِ وَالْاشْتِغَالَ بِهِ، وَرَكِبَ عَلَى تَتَبُّعِ الصَّيْدِ كَالْحَمَامِ وَنَحْوِهِ لَهْوًا وَطَرَبًا (غَفَلَ) ; أَيْ عَنِ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ وَلُزُومِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمْعَةِ، وَبَعُدَ عَنِ الرِّقَّةِ وَالرَّحْمَةِ لِشَبَهِهِ بِالسَّبُعِ وَالْبَهِيمَةِ، (وَمَنْ أَتَى السُّلْطَانَ) ; أَيْ بَابَهُ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَحَاجَةٍ لِمَجِيئِهِ، (افْتُتِنَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ ; أَيْ وَقَعَ فِي الْفِتْنَةِ، فَإِنَّهُ إِنْ وَافَقَهُ فِيمَا يَأْتِيهِ وَيَذَرُهُ فَقَدْ خَاطَرَ عَلَى دِينِهِ، وَإِنْ خَالَفَهُ فَقَدْ خَاطَرَ عَلَى دُنْيَاهُ، هَذَا خُلَاصَةُ كَلَامِ الطِّيبِيِّ.

وَقَالَ الْمُظْهِرُ: يَعْنِي مَنِ الْتَزَمَ الْبَادِيَةَ، وَلَمْ يَحْضُرْ صَلَاةَ الْجُمْعَةِ وَلَا الْجَمَاعَةِ وَلَا مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ، فَقَدْ ظَلَمَ عَلَى نَفْسِهِ، وَمَنِ اعْتَادَ الِاصْطِيَادَ لِلَّهْوِ وَالطَّرَبِ يَكُونُ غَافِلًا ; لِأَنَّ اللَّهْوَ وَالطَّرَبَ يَحْدُثُ مِنَ الْقَلْبِ الْمَيِّتِ، وَأَمَّا مَنِ اصْطَادَ لِلْقُوتِ فَجَازَ لَهُ ; لِأَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَصْطَادُونَ، وَمَنْ دَخَلَ عَلَى السُّلْطَانِ وَدَاهَنَهُ وَقَعَ فِي الْفِتْنَةِ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُدَاهِنْ وَنَصَحَهُ وَأَمَرَهُ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ ; فَكَانَ دُخُولُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الْجِهَادِ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ (مَنْ لَزِمَ السُّلْطَانَ) ; أَيْ لَازَمَهُ (افْتُتِنَ وَمَا ازْدَادَ عَبْدٌ مِنَ السُّلْطَانِ دُنُوًّا) بِضَمَّتَيْنِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ ; أَيْ قُرْبًا (إِلَّا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ بُعْدًا) وَرَوَى الدَّيْلَمِيُّ فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ عَنْ عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - مَرْفُوعًا: «مَنِ ازْدَادَ عِلْمًا وَلَمْ يَزْدَدْ فِي الدُّنْيَا زُهْدًا لَمْ يَزْدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>