للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

١٦٧٧ - وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ، فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ وَالْحَقِّ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

١٦٧٧ - (وَعَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ فِي ذِمَّتِكَ» ) أَيْ: أَمَانِكَ ; لِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ بِكَ. (" وَحَبْلِ جِوَارِكَ) " بِكَسْرِ الْجِيمِ قِيلَ: عَطْفٌ تَفْسِيرِيٌّ، وَقِيلَ: الْحَبْلُ الْعَهْدُ أَيْ: فِي كَنَفِ حِفْظِكَ، وَعَهْدِ طَاعَتِكَ. وَقِيلَ: أَيْ: فِي سَبِيلِ قُرْبِكَ، وَهُوَ الْإِيمَانُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ وَمُتَمَسِّكٌ بِالْقُرْآنِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: " {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٠٣] " وَفَسَّرَهُ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُرَادُ بِالْجِوَارِ الْأَمَانُ، وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ يَعْنِي الْحَبْلَ الَّذِي يُورِثُ الِاعْتِصَامُ بِهِ الْأَمْنَ وَالْأَمَانَ، وَالْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ، وَالْمَعْرِفَةَ وَالْإِيقَانَ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مَرَاتِبِ الْإِحْسَانِ، وَمَنَازِلِ الْجِنَانِ، قَالَ تَعَالَى: " {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا} [البقرة: ٢٥٦] " وَفِي النِّهَايَةِ كَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنْ يَحِيفَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ السَّفَرَ أَخَذَ عَهْدًا مِنْ سَيِّدِ كُلِّ قَبِيلَةٍ فَيَأْمَنُ بِهِ مَا دَامَ مُجَاوِرًا أَرْضَهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى آخَرَ، فَيَأْخُذُ مِثْلَ ذَلِكَ فَهَذَا حَبْلُ الْجِوَارِ، أَوْ هُوَ مِنَ الْإِيجَارَةِ وَالْأَمَانِ، وَالنُّصْرَةِ، وَالْحَبْلُ: الْأَمَانُ وَالْعَهْدُ قَالَ الطِّيبِيُّ: الثَّانِي أَظْهَرُ، وَقَوْلُهُ: وَحَبْلِ جِوَارِكَ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: فِي ذِمَّتِكَ، نَحْوَ أَعْجَبَنِي زَيْدٌ وَكَرَمُهُ، وَالْأَصْلُ أَنَّ فُلَانًا فِي عَهْدِكَ، فَنُسِبَ إِلَى الْجِوَارِ مَا كَانَ مَنْسُوبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَجُعِلَ لِلْجِوَارِ عَهْدًا مُبَالَغَةً فِي كَمَالِ حِمَايَتِهِ، فَالْحَبْلُ مُسْتَعَارٌ لِلْعَهْدِ، لِمَا فِيهِ مِنَ التَّوْثِقَةِ، وَعَقْدِ الْقَوْلِ بِالْأَيْمَانِ الْمُؤَكَّدَةِ. (فَقِهِ) بِالضَّمِيرِ أَوْ بِهَاءِ السَّكْتِ. (مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ النَّارِ) أَيِ: امْتِحَانِ السُّؤَالِ فِيهِ، أَوْ مِنْ أَنْوَاعِ عَذَابِهِ: مِنَ الضَّغْطَةِ وَالظُّلْمَةِ وَغَيْرِهِمَا. (وَأَنْتَ أَهْلُ الْوَفَاءِ) أَيْ: بِالْوَعْدِ، فَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ. قَالَ الطِّيبِيُّ: تَجْرِيدٌ لِاسْتِعَارَةِ الْحَبْلِ لِلْعَهْدِ ; لِأَنَّ الْوَفَاءَ يُنَاسِبُ الْعَهْدَ. (وَالْحَقِّ) أَيْ: أَنْتَ أَهْلٌ بِأَنْ تُحِقَّ بِالْحَقِّ، وَأَهْلِهِ، وَالْمُضَافُ مُقَدَّرٌ أَيْ: أَنْتَ أَهْلُ الْحَقِّ، أَوْ أَنْتَ أَهْلُ الثُّبُوتِ بِمَا ثَبَتَ عَنْكَ، إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} [المدثر: ٥٦] أَيْ: هُوَ أَهْلٌ أَنْ يُتَّقَى شِرْكُهُ، وَيُرْجَى مَغْفِرَتُهُ. (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ) لَا رَيْبَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ صَلَاةِ الْجَنَازَةِ هُوَ الدُّعَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ بِالْخُصُوصِ، سَوَاءً حَصَلَ فِي ضِمْنِ الْعُمُومِ أَوْ غَيْرِهِ. (إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ) أَيْ: كَثِيرُ الْمَغْفِرَةِ لِلسَّيِّئَاتِ. (الرَّحِيمُ) كَثِيرُ الْمَرْحَمَةِ بِقَبُولِ الطَّاعَاتِ، وَالتَّفَضُّلِ بِتَضَاعُفِ الْحَسَنَاتِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) قَالَ مِيرَكُ: وَسَكَتَ عَلَيْهِ، وَأَقَرَّهُ الْمُنْذِرِيُّ. (وَابْنُ مَاجَهْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>