. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَمْرًا بِالشَّيْءِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ، إِنَّمَا يَفِرُّ مِنَ الطَّرْدِ.
إِمَّا لِأَنَّ النَّهْيَ طَلَبُ نَفْيِ فِعْلٍ، أَيْ طَلَبُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَهُوَ عَدَمٌ. وَالْأَمْرُ طَلَبُ وُجُودِ فِعْلٍ، وَطَلَبُ الْعَدَمِ لَا يَكُونُ طَلَبَ الْوُجُودِ وَلَا مُتَضَمِّنًا لَهُ.
وَهَذَا الدَّلِيلُ يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ، وَلَا مُسْتَلْزِمًا لَهُ ; لِأَنَّ طَلَبَ الْوُجُودِ لَا يَكُونُ بِعَيْنِهِ طَلَبَ الْعَدَمِ، وَلَا مُتَضَمِّنًا لَهُ.
وَأَمَّا الْإِلْزَامُ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ لُزُومُ كَوْنِ الزِّنَا وَاجِبًا، وَهَذَا أَيْضًا بَاطِلٌ، لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ لَوْ كَانَ عَيْنَ النَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ، أَوْ مُسْتَلْزِمًا لَهُ، يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ بِعَيْنِهِ نَهْيًا عَنِ الْحَجِّ أَوْ مُسْتَلْزِمًا لَهُ ; فَإِنَّ الصَّلَاةَ ضِدُّ الْحَجِّ.
وَإِمَّا لِأَنَّ أَمْرَ الْإِيجَابِ يَسْتَلْزِمُ الذَّمَّ عَلَى التَّرْكِ، وَالتَّرْكُ فِعْلٌ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الذَّمَّ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْفِعْلِ، فَاسْتَلْزَمَ الْأَمْرُ النَّهْيَ ; لِأَنَّ التَّرْكَ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ يُذَمُّ عَلَيْهِ، مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالنَّهْيُ عَنِ الشَّيْءِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ بِالضِّدِّ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ طَلَبُ كَفٍّ عَنْ فِعْلٍ، وَالْأَمْرَ طَلَبُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ.
فَلَوْ كَانَ النَّهْيُ مُسْتَلْزِمًا لِلْأَمْرِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ طَلَبُ الْكَفِّ مُسْتَلْزِمًا لِطَلَبٍ غَيْرِ الْكَفِّ، وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute