للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَأَمَّا " أَنْبَأَنِي " فَيَصِحُّ الرِّوَايَةُ بِهِ بِاتِّفَاقِ الْمُجَوِّزِينَ ; لِأَنَّ الْإِنْبَاءَ يُطْلَقُ عَلَى هَذَا بِحَسَبِ الْعُرْفِ.

وَمَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - الرِّوَايَةَ بِالْإِجَازَةِ. وَأَمَّا الْإِجَازَةُ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودِينَ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ: أَجَزْتُ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ الْمَوْجُودِينَ أَنْ يَرْوُوا عَنِّي كَذَا. فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا مِثْلُ الْإِجَازَةِ لِمَوْجُودٍ مُعَيَّنٍ.

وَأَمَّا إِذَا قَالَ الشَّيْخُ: أَجَزْتُ نَسْلَ فُلَانٍ، أَوْ أَجَزْتُ لِمَنْ يُوجَدُ مِنْ [بَنِي] فُلَانٍ، فَفِيهِ خِلَافٌ وَاضِحٌ. لِأَنَّ إِجَازَةَ الْمَوْجُودِ الْمُعَيَّنِ إِذَا كَانَتْ مُخْتَلَفًا فِيهَا، كَانَ إِجَازَةُ الْغَيْرِ الْمَوْجُودِ أَوْلَى بِأَنْ يُخْتَلَفَ فِيهَا.

وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِ الرِّوَايَةِ بِالْإِجَازَةِ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الرَّاوِيَ أَيِ الْمُخْبِرَ الْعَدْلَ لَا يَرْوِي إِلَّا بَعْدَ الْعِلْمِ أَوِ الظَّنِّ بِصِحَّةِ مَا أَجَازَ بِهِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ، فَيَحْصُلُ ظَنُّ صِحَّةِ مَا أَجَازَهُ، فَيَجُوزُ الرِّوَايَةُ.

وَأَيْضًا الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَعَثَ كُتُبَهُ مَعَ آحَادِ الصَّحَابَةِ إِلَى أَطْرَافِ الْبِلَادِ، وَأَوْجَبَ عَلَى الْمَبْعُوثِ إِلَيْهِمْ قَبُولَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَبْعُوثُونَ مَا فِي كُتُبِهِ. فَلَوْ لَمْ يَجُزِ الرِّوَايَةُ بِالْإِجَازَةِ، لَمَا جَازَ قَبُولُ كُتُبِهِ ; لِأَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ فِي الْإِجَازَةِ أَقْوَى مِنَ الظَّنِّ الْحَاصِلِ فِي الْكِتَابِ.

قَالَ الْخَصْمُ: لَا يَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِمُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ ; لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَكُونُ إِخْبَارًا بِالْحَدِيثِ. فَلَوْ قَالَ الرَّاوِي: أَخْبَرَنِي وَحَدَّثَنِي، كَانَ كَذِبًا ; لِأَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>