للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

فِي طَرَفَيْنِ وَالْوَسَطِ، أَيْ يَكُونُ طَرَفَاهُ وَالْوَسَطُ مُسْتَوِينَ فِي التَّعَدُّدِ وَالِاسْتِنَادِ إِلَى الْحِسِّ.

وَقَدْ شَرَطَ بَعْضُهُمْ: كَوْنَهُمْ عَالِمِينَ بِمَا أَخْبَرُوهُ وَهَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ. لِأَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ عِلْمُ جَمِيعِهِمْ فَبَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ جَمِيعُهُمْ عَالِمِينَ، بَلْ يَكُونُ بَعْضُهُمْ ظَانِّينَ، وَمَعَ هَذَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ. وَإِنْ أُرِيدَ عِلْمُ الْبَعْضِ فَلَا يُحْتَاجُ إِلَى تَعَرُّضِهِ ; لِأَنَّ عِلْمَ الْبَعْضِ لَازِمٌ مِمَّا قِيلَ مِنَ الشُّرُوطِ، وَهُوَ الشَّرْطُ الثَّانِي ; لِأَنَّ الِاسْتِنَادَ إِلَى الْحِسِّ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُحِسُّونَ عَالِمِينَ بِهِ.

وَضَابِطُ الْعِلْمِ بِحُصُولِ هَذِهِ الْأُمُورِ حُصُولُ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ. فَإِنَّهُ إِذَا حَصَلَ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ، عُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الشَّرَائِطَ حَصَلَتْ; لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تَنْفَكُّ عَنِ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْمُتَوَاتِرِ.

لَا أَنَّ ضَابِطَ حُصُولِ الْعِلْمِ بِصِدْقِ الْمُتَوَاتِرِ سَبَقَ الْعِلْمَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ، عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الْمُتَوَاتِرِ إِلَّا بَعْدَ حُصُولِ الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ. لِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْعِلْمَ بِصِدْقِ الْخَبَرِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِهَذِهِ الْأُمُورِ.

ش - اخْتَلَفُوا فِي أَقَلِّ عَدَدٍ يَحْصُلُ عِنْدَهُ الْعِلْمُ بِصِدْقِ الْخَبَرِ. فَمِنْهُمْ مَنْ عَيَّنَ عَدَدًا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعَيِّنْ.

وَالْمُعَيِّنُونَ اخْتَلَفُوا فَقَطَعَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ بِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ نَاقِصٌ لَا يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِهِمْ. وَلِهَذَا يَحْتَاجُ الْقَاضِي إِلَى عَرْضِ الشُّهَدَاءِ الْأَرْبَعَةِ فِي الزِّنَا عَلَى الْمُزَكِّينَ. وَتَرَدَّدَ فِي الْخَمْسَةِ فِي أَنَّ أَخْبَارَهُمْ هَلْ يَكُونُ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ أَوْ لَا؟ فَالسِّتَّةُ عِنْدَهُ مُوجِبَةٌ لِلْعِلْمِ جَزْمًا.

وَقِيلَ: أَقَلُّهُ اثْنَا عَشَرَ [عَدَدُ] نُقَبَاءِ مُوسَى. وَقِيلَ عِشْرُونَ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ} [الأنفال: ٦٥] أَوْجَبَ الْجِهَادَ عَلَى الْعِشْرِينَ. وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالْجِهَادِ لِأَنَّهُمْ إِذَا أَخْبَرُوا حَصَلَ الْعِلْمُ بِصِدْقِهِمْ.

وَقِيلَ: أَرْبَعُونَ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنفال: ٦٤] . نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي أَرْبَعِينَ. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>