. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ بِغَيْرِ إِنْزَالٍ [اسْتَفَادُوهُ] مِنْ حِكَايَةِ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَلْ [اسْتَفَادُوهُ] مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ» " وَإِنَّمَا رَجَعَ عُمَرُ إِلَى عَائِشَةَ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ هَلْ يَكُونُ أَمْرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُوَافِقًا لِفِعْلِهِ أَمْ لَا.
أَوْ لِأَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ بِغَيْرِ إِنْزَالٍ لِأَنَّ فِعْلَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَعَ بَيَانًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: ٦] . وَلَا نِزَاعَ فِي وُجُوبِ اعْتِبَارِ مِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ.
أَوْ لِأَنَّ الْغُسْلَ شَرْطُ الصَّلَاةِ، وَقَدْ بَيَّنَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُسَاوَاتَهُ لِأُمَّتِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: " «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ".
فَفَهِمُوا وُجُوبَ الْغُسْلِ لِذَلِكَ ; لَا لِأَنَّ فِعْلَهُ الَّذِي لَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ وَاجِبٌ. أَوْ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ فَهِمُوا مِمَّا حَكَتْهُ عَائِشَةُ، الْوُجُوبَ، فَيَكُونُ مِنَ الْقِسْمِ الَّذِي عُلِمَتْ صِفَتُهُ.
ش - هَذَا دَلِيلٌ مَأْخُوذٌ مِنَ الْقِيَاسِ. تَوْجِيهُهُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ فِعْلَهُ الَّذِي لَمْ تُعْلَمْ صِفَتُهُ، دَارَ بَيْنَ كَوْنِهِ لِلْوُجُوبِ وَلِغَيْرِهِ. فَالْأَحْوَطُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْوُجُوبِ، قِيَاسًا عَلَى وُجُوبِ قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ عَلَى مَنْ تَرَكَ وَاحِدَةً مِنْهَا وَنَسِيَهَا ; فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ تَتَعَيَّنِ الْوَاحِدَةُ الَّتِي تَرَكَهَا، حُكِمَ بِوُجُوبِ قَضَاءِ الْجَمِيعِ ; لِأَنَّهُ أَحْوَطُ.
وَعَلَى وُجُوبِ الْكَفِّ فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ تَتَعَيَّنْ، فَإِنَّهُ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ وَاحِدَةً مِنْ نِسَائِهِ وَاشْتَبَهَتِ الْمُطَلَّقَةُ بِغَيْرِهَا، بِأَنْ نَسِيَهَا، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْكَفُّ عَنْهُنَّ جَمِيعًا ; لِأَنَّهُ أَحْوَطُ أَيْضًا.
أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِتَحَقُّقِ الِاحْتِيَاطِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. فَإِنَّ الِاحْتِيَاطَ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا ثَبَتَ وَجُوبُهُ، كَالصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَالْكَفِّ عَنِ الْمُطَلَّقَةِ.
أَوْ كَانَ الْوُجُوبُ هُوَ الْأَصْلَ، كَيَوْمِ ثَلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ. فَإِنَّهُ إِذَا غُمَّ يَوْمُ ثَلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ، يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ يَوْمُ ثَلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ فَيُحْكَمُ بِوُجُوبِ صَوْمِهِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْأَصْلُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الشَّيْءِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ.