. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَلِلْقَاضِي أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ قَضَاءٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ وَقَعَ خَارِجَ وَقْتِهِ بِنَاءً عَلَى الظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ ; وَذَلِكَ لِأَنَّ الظَّنَّ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا، لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا بِتَرْكِهِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ; لِأَنَّ الْعِصْيَانَ إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ ظَنِّهِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَيَلْزَمُ بُطْلَانُ الْمُقَدَّمِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الظَّنَّ يُعْتَبَرُ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ. فَحِينَئِذٍ يَكُونُ هَذَا الظَّنُّ مُعْتَبَرًا قَبْلَ ظُهُورِ الْخَطَأِ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ، فَبِتَرْكِهِ يَكُونُ عَاصِيًا. وَبَعْدَ ظُهُورِ الْخَطَأِ لَمْ يُعْتَبَرْ، فَيَكُونُ الْوَقْتُ غَيْرَ مُضَيَّقٍ.
ثُمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُلْزَمُ الْقَاضِي: لَوِ اعْتَقَدَ الْمُكَلَّفُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَنَّ الْوَقْتَ قَدْ دَخَلَ، وَأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ انْقَضَى الْوَقْتُ، فَعَصَى بِالتَّأْخِيرِ. أَنَّهُ يَكُونُ مَا فَعَلَهُ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا بَعْدَ أَنْ تَبَيَّنَ خَطَأُ اعْتِقَادِهِ، قَضَاءً ; لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَدْ تَضَيَّقَ الْوَقْتُ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ.
فَوُقُوعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ لَهُ شَرْعًا يَكُونُ خَارِجًا عَنْ وَقْتِهِ الْمُضَيَّقِ عَلَى زَعْمِ الْقَاضِي.
وَقَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ: إِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى مَذْهَبِ الْقَاضِي أَنْ لَا يَعْصِيَ الْمُكَلَّفُ بِتَرْكِ الْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ فِي الْبَاقِي مِنَ الْوَقْتِ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْهُ ; لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقْتُهُ مُوَسَّعٌ مَا لَمْ يُتَعَمَّدْ بِالتَّرْكِ. وَلَا يَعْصِي إِذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ فِي الْوَقْتِ إِذَا ظَنَّ الْمُكَلَّفُ قَبْلَ الْوَقْتِ دُخُولَهُ وَخُرُوجَهُ [لَوْ] لَمْ يَشْتَغِلْ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّرْكُ وَالتَّأْخِيرُ بِالْإِجْمَاعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute