. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَالْإِخْبَارُ الشَّرْعِيُّ وَإِنْ كَانَ خِطَابًا بِفَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ، لَكِنَّ تَفَهُّمَ تِلْكَ الْفَائِدَةِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْإِخْبَارِ.
وَأَمَّا الْفَائِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي هِيَ فِي الْحُكْمِ فَلَا يُفْهَمُ إِلَّا مِنَ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ إِنْشَاءٌ، فَلِهَذَا لَا يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ. وَإِذَا كَانَ إِنْشَاءً يَكُونُ مُوجِبًا لِمَعْنَاهُ، أَيِ الْفَائِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ.
فَلَا شَيْءَ خَارِجٌ لِلْحُكْمِ حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ غَيْرِهِ ; ضَرُورَةَ كَوْنِهِ مُوجِبًا لِمَعْنَاهُ. بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ الشَّرْعِيِّ ; فَإِنَّ مَعْنَاهُ خَارِجٌ عَنْهُ، لَا يَكُونُ الْإِخْبَارُ مُوجِبًا لَهُ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْ غَيْرِهِ. هَذَا مَا فَهِمْتُهُ مِنْ كَلَامِهِ.
ش - لَمَّا ذَكَرَ تَعْرِيفَ الْحُكْمِ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَقْسَامَهُ. وَالْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ إِنْ كَانَ طَلَبًا لِفِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ يَنْتَهِضُ تَرْكُ ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ سَبَبًا لِلْعِقَابِ، فَهُوَ الْوُجُوبُ.
فَقَوْلُهُ: " طَلَبًا " يُخْرِجُ التَّخْيِيرَ وَالْوَضْعِيَّ. وَقَوْلُهُ: " غَيْرِ كَفٍّ " يُخْرِجُ عَنْهُ الْحُرْمَةَ ; فَإِنَّهَا أَيْضًا طَلَبُ فِعْلٍ، وَهُوَ الْكَفُّ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْكَفَّ فِعْلٌ.
وَقَوْلُهُ: يَنْتَهِضُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِلْعِقَابِ، أَيْ يَصِيرُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ، يُخْرِجُ عَنْهُ النَّدْبَ وَالْكَرَاهَةَ. وَخُرُوجُهَا بِقَوْلِهِ: " غَيْرِ كَفٍّ " لَا يُنَافِي خُرُوجَهَا بِهَذَا الْقَيْدِ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ " لِيُدْخِلَ فِي التَّعْرِيفِ مِثْلَ وُجُوبِ صَلَاةِ الظُّهْرِ ; فَإِنَّهُ طَلَبُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ لَا يَكُونُ تَرْكُهُ سَبَبًا لِاسْتِحْقَاقِ الْعِقَابِ فِي وَقْتِهِ، لَكِنْ يَكُونُ تَرْكُهُ فِي جَمِيعِ وَقْتِهِ سَبَبًا لِلْعِقَابِ.
وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ طَلَبًا لِفِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ يَنْتَهِضُ فِعْلُهُ خَاصَّةً سَبَبًا لِلثَّوَابِ فَنَدْبٌ.
وَإِنَّمَا قَالَ: " خَاصَّةً " لِيُعْرَفَ أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِهِ شَيْءٌ. فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْوُجُوبُ.