. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مَعَ مُبَالَغَتِهِمْ فِي الِاسْتِقْصَاءِ وَالدَّلَائِلِ اللُّغَوِيَّةِ لَا يَجِبُ أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الْقَطْعِ الْمَانِعِ مِنَ الِاحْتِمَالَاتِ الْبَعِيدَةِ، بَلْ يَكْفِي فِيهَا [الْأَوْلَى] وَالْأَقْرَبُ.
ش - هَذَا هُوَ الدَّلِيلُ الْفَاسِدُ عَلَى مَطْلُوبِهِ. وَتَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنِ الْمُشْتَرَكُ وَاقِعًا لَخَلَتْ أَكْثَرُ الْمُسَمَّيَاتِ عَنِ الْأَلْفَاظِ. وَالتَّالِي بَاطِلٌ فَالْمُقَدَّمُ مِثْلُهُ.
بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْمَعَانِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ ; لِأَنَّ مِنْ جُمْلَتِهَا الْأَعْدَادُ وَالرَّوَائِحُ، وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ. وَالْأَلْفَاظُ، لِكَوْنِهَا مُرَكَّبَةً مِنَ الْحُرُوفِ الْمُتَنَاهِيَةِ، مُتَنَاهِيَةٌ، فَإِذَا وُزِّعَتْ عَلَى الْمَعَانِي بِحَيْثُ وُضِعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِزَاءِ وَاحِدٍ، لَزِمَ خُلُوُّ أَكْثَرِ الْمُسَمَّيَاتِ عَنِ الْأَلْفَاظِ.
وَأَمَّا انْتِفَاءُ اللَّازِمِ فَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إِلَى التَّعْبِيرِ عَنْهَا بِالْأَلْفَاظِ فَلَا بُدَّ مِنْ وَضْعِهَا لَهَا.
ش - لَمَّا كَانَ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ فَاسِدًا، ذَكَرَ بَيَانَ فَسَادِهِ. وَتَقْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ: لَا نُسَلِّمُ صِدْقَ الْمُلَازَمَةِ.
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَعَانِيَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ. قُلْنَا: إِنْ أَرَدْتُمْ بِكَوْنِ الْمَعَانِي غَيْرَ مُتَنَاهِيَةٍ: [أَنَّ] الْمَعَانِيَ الْمُتَضَادَّةَ، وَهِيَ الْأُمُورُ الْوُجُودِيَّةُ الَّتِي يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ، كَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ وَالْحُمْرَةِ. وَالْمُخْتَلِفَةُ، وَهِيَ الْأُمُورُ الَّتِي حَقِيقَتُهَا مُخْتَلِفَةٌ وَلَا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهَا فِي مَحَلٍّ كَالْحَرَكَةِ وَالْبَيَاضِ وَالضَّحِكِ وَالْكِتَابَةِ، غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ غَيْرَ الْمُتَضَادَّةِ وَالْمُخْتَلِفَةَ، أَعْنِي الْمُتَمَاثِلَةَ - وَهِيَ الْأُمُورُ الْمُتَّفِقَةُ الْحَقَائِقِ، كَأَفْرَادِ الْأَنْوَاعِ الْحَقِيقِيَّةِ - غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، فَنُسَلِّمُ أَنَّهَا غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَلَكِنْ لَا يُفِيدُ عَدَمُ تَنَاهِيهَا فِي بَيَانِ الْمُلَازَمَةِ ; إِذْ يَكْفِي أَنْ يُوضَعَ اللَّفْظُ بِإِزَاءِ الْحَقِيقَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بِالتَّوَاطُؤِ، فَلَا يَلْزَمُ خُلُوُّهَا عَنِ الْأَسْمَاءِ ; ضَرُورَةَ تَنَاوُلِ اللَّفْظِ الْمَوْضُوعِ لِلْحَقِيقَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهَا إِيَّاهَا.
وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمُخْتَلِفَةَ وَالْمُتَضَادَّةَ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَأَنَّ الْمُتَمَاثِلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute