للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

مِثَالُ الثَّانِي: قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي مَسْحِ الرَّأْسِ: الرَّأْسُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَلَا يُكْتَفَى فِيهِ بِأَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسْحِ، قِيَاسًا عَلَى غَيْرِ الرَّأْسِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ. وَإِذَا بَطَلَ الْأَقَلُّ ثَبَتَ الرُّبُعُ ; لِأَنَّ مَا عَدَا الرُّبُعَ وَالْأَقَلَّ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْخَصْمَيْنِ.

فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: الرَّأْسُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَلَا يُقَدَّرُ بِالرُّبُعِ كَغَيْرِهِ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ.

فَإِنَّ الْمُعْتَرِضَ بِهَذَا الْقَلْبِ أَبْطَلَ مَذْهَبَ الْمُسْتَدِلَّ صَرِيحًا.

مِثَالُ الثَّالِثِ: قَوْلُ الْحَنَفِيِّ فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ: بَيْعُ الْغَائِبِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَيَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ بِالْعِوَضِ، قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ.

فَيَقُولُ الشَّافِعِيُّ: بَيْعُ الْغَائِبِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ قِيَاسًا عَلَى النِّكَاحِ.

وَاشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَازِمٌ لِصِحَّةِ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَإِذَا انْتَفَى اللَّازِمُ، انْتَفَى الْمَلْزُومُ.

فَإِنَّ الْمُعْتَرِضَ بِهَذَا الْقَلْبِ أَبْطَلَ مَذْهَبَ الْمُسْتَدِلِّ بِالِالْتِزَامِ لَا بِالصَّرِيحِ، فَإِنَّهُ أَبْطَلَ لَازِمَ مَذْهَبِهِ، فَيَلْزَمُ مِنْ إِبْطَالِ لَازِمِ مَذْهَبِهِ إِبْطَالُ مَذْهَبِهِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْقَلْبَ نَوْعُ مُعَارَضَةٍ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ نَقِيضَ الْحُكْمِ الْمُدَّعَى، لَا أَنَّهُ وَجَبَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ وَالْجَامِعُ وَالْفَرْعُ مَا جَعَلَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>