للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَالْحَقُّ أَنَّ انْتِفَاءَ الْمُعَارِضِ فِي الْفَرْعِ، إِنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا لِعِلَّةِ الْأَصْلِ، أَنْ لَوْ كَانَ الْمُعَارِضُ مُوجِبًا لِإِلْحَاقِ الْفَرْعِ بِأَصْلٍ آخَرَ، وَلَا تَرْجِيحَ لِعِلَّةِ الْأَصْلِ.

وَقِيلَ: انْتِفَاءُ الْمُعَارِضِ فِي الْأَصْلِ إِنَّمَا يَكُونُ شَرْطًا إِذَا كَانَ الْمُعَارِضُ رَاجِحًا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ، إِذِ الْمُعَارِضُ الْمُسَاوِي يَمْنَعُ الْعِلَّةَ أَيْضًا.

وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا تُخَالِفَ نَصًّا أَوْ إِجْمَاعًا ; لِأَنَّ النَّصَّ وَالْإِجْمَاعَ أَوْلَى مِنَ الْقِيَاسِ.

وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا تَتَضَمَّنَ الْمُسْتَنْبَطَةُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ، أَيْ إِذَا دَلَّ النَّصُّ عَلَى عِلِّيَّةِ وَصْفٍ، وَالِاسْتِنْبَاطُ زَادَ قَيْدًا عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ، لَمْ يَجُزِ التَّعْلِيلُ بِهِ.

وَقِيلَ: إِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ لَا تَتَضَمَّنَ الْمُسْتَنْبَطَةُ زِيَادَةً عَلَى النَّصِّ، إِنْ نَافَتِ الزِّيَادَةُ مُقْتَضَى النَّصِّ ; لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إِذَا كَانَتْ وَصْفًا مُسَاوِيًا لِلْمَنْصُوصَةِ، لَا تَكُونُ الْمُسْتَنْبَطَةُ مُخَالِفَةً لِلْمَنْصُوصَةِ، فَلَا يَلْزَمُ مَحْذُورٌ.

وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ دَلِيلُهَا شَرْعِيًّا ; لِأَنَّ دَلِيلَهَا لَوْ كَانَ غَيْرَ شَرْعِيٍّ، يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ الْقِيَاسُ شَرْعِيًّا.

ش - وَمِنْ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ أَنْ لَا يَكُونَ دَلِيلُ عِلِّيَّتِهَا مُتَنَاوِلًا حُكْمَ الْفَرْعِ، إِمَّا بِطْرِيقِ الْعُمُومِ بِأَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ شَامِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ، أَوْ لِغَيْرِهِ.

كَمَا إِذَا قِيلَ: الْفَوَاكِهُ مَطْعُومَةٌ فَيَجْرِي فِيهِ الرِّبَا قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ، ثُمَّ يَثْبُتُ عِلِّيَّةُ الطَّعْمِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» ، فَإِنَّهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الطَّعْمِ بِالْإِيمَاءِ، يَدُلُّ عَلَى حُكْمِ الْفَوَاكِهِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ ; لِتَنَاوُلِهِ حُكْمَ غَيْرِ الْفَوَاكِهِ، وَإِمَّا بِطَرِيقِ الْخُصُوصِ بِأَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِصُورَةِ الْفَرْعِ فَقَطْ.

كَمَا إِذَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ: خَارِجُ نَجَسٍ، فَيَنْتَقِضُ بِهِ الْوُضُوءُ قِيَاسًا عَلَى الْخَارِجِ مِنَ السَّبِيلَيْنِ، ثُمَّ يُبَيِّنُ عِلِّيَّةَ الْخَارِجِ مِنَ النَّجَسِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ، فَلْيَتَوَضَّأْ» . فَإِنَّهُ كَمَا يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ الْخَارِجِ النَّجِسِ، يَدُلُّ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>