وذلك المنفذ لا بد من تصلبه بتدافع أجزاءه عند نفوذ ما ينفذ فيه والحرارة هناك تزيده انعقاداً فيكون من ذلك السرة، فلذلك السرة أو ل عضويتم فيه تكونه وتجويف القلب أو ل عضو يحدث في المني لكن صلابة جرم القلب تمنع من سرعة تكونه فلذلك تمام تكون السرة يسبق تمام تكون القلب وتجويف القلب يسبق حدوث السرة لأنها إنما تحدث بعد احتياج الروح المحوية في تجويف القلب إلى نفوذ الهواء إليه. والمنفذ الذي تكون فيه السرة ثم بعد أن يصير الجنين حياً مغتذياً يحتاج أن يصير مع ذلك حساساً متحركاً بالإرادة وإنما يمكن ذلك بتعدل القوة الحيوانية حتى يمكن صدور تلك الإرادة عنها وإنما يمكن ذلك بعضو بارد ورطب، فإن هذه الروح حارة قليلة الرطوبة الندية فإنما يعتدل بعضو هو كذلك، وهذا العضو البارد الرطب هو الدماغ على ما بيناه في موضعه، فلذلك يحتاج الجنين أن يتكون له الدماغ، وابتداء تكونه وإن كان متأخراً فإن تمامه يتقدم تمام تكون القلب، وذلك لأن الرطوبة أقبل للانفعال والتخلق من غيرها، فلذلك تمام تكون الدماغ يظهر في الجنين قبل تمام تخلق القلب ثم الدم الواصل إلى الجنين من بدن الأم يحتاج إلى أن يستحيل إلى مشابهة مزاج الجنين ومشابهة جوهر أعضائه والعضو الذي يتم فيه تكون الدم الغاذي للبدن هو الكبد فلذلك يحتاج الجنين إلى أن يتكون الكبد لأجل إصلاح ما يرد إليه من بدن الأم فإن ذلك الوارد لحدته ويبوسته لا يصلح لغذاء الجنين ما لم يتعدل وينصلح مزاجه في الكبد فلذلك يتكون الكبد، وربما سبق أيضاً تمام تكونها لتمام تكون القلب لأنها عضو رطب بخلاف القلب. وقبل هذه الأحوال جميعها لا بد من أن يكون الغشاء الأول الذي يسمى المشيمة وذلك لان وصول الروح والدم إلى داخل المني إنما هو من العروق التي في هذا الغشاء. وكيفية تكونه أن المني عند أو ل وروده إلى داخل الرحم لا بد أن يتسخن بحرارة باطن الرحم. وهذه الحرارة لا بد من أن ينبسط جرمه فيزداد حجمه. والغشاء الباطن من غشاءي الرحم لا بد من اشتماله على ذلك المني فلذلك لا بد للمني حينئذٍ أن يلاقي ذلك السطح، وقوام المني لزج، وكل لزج لاقى سطحاً حاراً فلا بد من انعقاد ظاهر ذلك الجسم بحرارة ذلك السطح، ويلزم ذلك أن يحدث في ظاهر المني جرم غشائي وفي الغشاء الباطن من غشاءي الرحم عروق كثيرة ساخنة وضاربة من أفواه تلك العروق تقضي إلى داخل الرحم لأن من هذه العروق ينفذ دم الطمث ويرتفع ما يرتفع من فضل المادة التي تفضل من غذاء الجنين إلى الثديين فيحدث منهما اللبن وكذلك الأرواح والنسيم الواردان إلى الرحم إنما يردان إليه من هذه الأفواه التي للشرايين وهذه الأفواه لأنها أطراف العروق تكون لا محالة صلبة خشنة وكذلك إذا ماس المني باطن الغشاء الثاني من غشاءي الرحم وهو الداخل فلا بد من أن يلتصق بهذه الأفواه ما يلاقيها من جرم المني فيتعلق لا محالة بها، وإذا تفشش ما في المني من الجرم المخلخل لجرمه الباسط له عاد المني إلى حجمه الأول فنزل بذلك عن مماسته جرم هذا الغشاء الداخل من غشاءي الرحم وبقيت الأجزاء الملتصقة بتلك الأفواه ملازمة لها فامتد من تلك الأجزاء خيوطاً متصلة من تلك الأفواه إلى الغشاء الحادث على سطح المني وبعض هذه الخيوط يتصل بأفواه الأوردة وبعضها يتصل بأفواه الشرايين فإذا نزل الدم من الأوردة ونزلت الروح من الشرايين نفذ كل واحد منهما في الخيوط المتصلة بأفواه عروقه فلذلك ينفذ الدم في الخيوط المتصلة بأفواه أو ردة الرحم وتنفذ الروح في الخيوط المتصلة بشرايين الرحم فلذلك تصير تلك الخيوط مجوفة كأنها وصلات لأوردة الدم وشرايينها وتتحد التي ينفذ فيها الدم فيصير غرقاً واحداً ينفذ في السرة في كبد الجنين لأجل تغذيته وتتحد التي فيها الروح فتصير عرقاً وواحداً ينفذ في السرة إلى تجويف قلب الجنين لأجل إفادة الروح وتعديلها بالنسيم ثم بعد ذلك يعرض للمني أن يتسخن كرة أخرى ويربو ويتخلخل حتى يلاقي الغشاء الداخل فيلزم ذلك أن يعرض لتلك الخيوط التي صارت عروقاً انعطافات على الغشاء الداخل على سطح المني لأجل لزوجة المني تلتصق تلك العروق المنعطفة بذلك الغشاء فإذا تخللت الحرارة من ذلك المني كرة أخرى وضمر وصغر حجمه عاد كرة أخرى نازلاً من ملاقاة الغشاء الداخل من غشاءي الرحم ويلزم ذلك تمدد ما بقي من تلك العروق غير