للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: أن قراءتي النصب والخفض متساويتان في الصحة، والآية تحتمل أن يكون المراد بها غسل الرجلين، وتحتمل أن يكون المراد بها مسح الرجلين، لكن السنة بينت أن المراد بالآية الغسل؛ حيث جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- متواتراً أنه غسل قدميه في الوضوء، وأنه أمر بإسباغ الوضوء، وتوعد بالنار من لم يستوعب قدميه بالغسل في الوضوء، كما أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «ثم يغسل قدميه كما أمره الله» فثبت من هذا كله أنه -صلى الله عليه وسلم- بين بفعله وقوله مراد الآية، وأنه الغسل، وأنه الذي أمر الله به في الآية؛ والرسول -صلى الله عليه وسلم- هو المبين لأمر الله، فثبت بذلك أن فرض الرجلين الغسل لا المسح، وأن دلالة الآية على مسح القدمين في الوضوء مجرد احتمال لا دليل عليه (١).

ثالثاً: أن قراءة الخفض محمولة على مسح القدمين إذا كان عليهما خفان، والنصب على الغسل إذا لم يكن عليهما خفان.

وقد تواتر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه مسح على الخفين، فيكون ما روي عنه في غسل القدمين بياناً لقراءة النصب، وما روي عنه في المسح على الخفين بياناً لقراءة الخفض، والنبي -صلى الله عليه وسلم- هو المبين عن الله، وعن معنى ما أراد بقوله: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ}. (٢) (٣).


(١) انظر: الأوسط ١/ ٤١٢؛ شرح معاني الآثار ١/ ٣٧؛ أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٤٣٧؛ الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٩٠؛ المجموع ١/ ٢٣٣؛ مجموع الفتاوى ٢١/ ١٢٨، ١٣١؛ تفسير ابن كثير ٢/ ٢٦.
(٢) سورة المائدة، الآية (٦).
(٣) انظر: الأوسط ١/ ٤١٢؛ أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٤٣٥؛ الجامع لأحكام القرآن ٦/ ٩١؛ المجموع ١/ ٢٣٣؛ مجموع الفتاوى ٢١/ ١٢٨؛ تفسير ابن كثير ٢/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>