والطلاق المباح من غير كراهة، هو ما دعت إليه الحاجة لسوء خُلُقِ المرأة وسوء عشرتها، وللتضرر بها لعدم حصول الغرض منها. ا. هـ. ملخصًا من مغني ابن قدامة.
وفي مصنف عبد الرزاق عن وهب بن نافع أن عكرمة أخبره أنه سمع ابن عباس يقول: الطلاق على أربعة أوجه: وجهان حلال، ووجهان حرام. فأما الحلال فهو أن يطلقها طاهرًا من غير جماع، أو حاملًا مستبينًا حملها. وأما الحرام فهو أن يطلقها حائضًا، أو حين يجامعها، لا يدري أشتمل الرحم على ولد أم لا؟.
(٣) وقوله: ومنع فيه ووقع وأجبر على الرجعة الخ، أما دليل منع طلاق الحائض فهو حديث ابن عمر المتفق عليه المتقدم، وهو نفس دليل جبره على الرجعة؛ لدخول لام الأمر في قوله -صلى الله عليه وسلم- "مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا". والمقرر في علم الأصول في باب الأمر أن من أمر بأمر لا يعد الأول آمرًا للثالث إلا في حالة دخول لام الأمر على ذلك المأمور به؛ كقوله -صلى الله عليه وسلم- في ابن عمر.
قال في مراقي السعود:
وليس من امرٍ بالأمر أمر … لثالث إلا كما في ابن عمر
وأما دليل وقوعه فحديث ابن عمر أيضًا، ففي البخاري ما نصه: باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين قال: سمعت ابن عمر قال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض، فذكر عمر للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "لِيُرَاجِعْهَا". قلت: تُحْسَبُ؟ قَال فَمَهْ؟.
وحدثنا أبو معمر، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال: حسبت عليَّ بتطليقة. قال في فتح الباري هنا: قال ابن عبد البر: لا يخالف في ذلك اليوم إلا أهل البدع والضلال. قال: وروي مثله عن بعض التابعين، وهو شذوذ، وحكاه ابن العربي وغيره عن ابن علية، يعني إبراهيم بن اسماعيل بن عُلية الذي قال الشافعي فيه: إبراهيم ضالٌ؛ جلس في باب الضوالّ يضل الناس. وكان بمصر وله مسائل ينفرد بها. وكان من فقهاء المعتزلة.
وقد غلط فيه من ظن أن المنقول عنه المسائل الشاذة أبوه. وحاشاه، فإنه من كبار أهل السنة. =