وقال الشعبي: يعطى نصف ميراث الذكر ونصف ميراث الأنثى. وبه قال الأوزاعي وهو مذهب مالك بن أنس. قال القرطبي: واستدل العلماء على ميراث الخنثى المشكل إذا تساوت فيه علامات النساء والرجال من اللحية والثدي والمبال، بنقص الأعضاء، فإن نقصت أضلاعه عن أضلاع المرأة، أعطى نصيب رجل، روى ذلك عليّ رضي الله عنه، لخلق حوّاء من أحد أضلاع آدم. قاله في الكلام على قوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}(١). وهو استنباط لطيف بفضل الله.
وذكر الحطاب: الخنثى - بضم الخاء المعجمة وسكون النون وبالثاء المثلثة وبعدها ألف تأنيث مقصورة - قال: والضمائر الراجعة إلى الخنثى مذكرة وإن بانت أنوثته، لأن مدلوله شخص صفته كذا وكذا، وجمعه خناثى وخناث، قال: واشتقاقه من قولهم خنث الطعام إذا اشتبه أمره فلم يخلص طعمه المقصود. وينقسم الخنثى إلى قسمين: مشكل وواضح، فعلى مذهبنا يكون واضحًا إذا نبتت له لحية أو ثدي، فمن ظهرت فيه علامات الرجال حكم بذكوريته، وإن ظهرت فيه علامات النساء حكم بأنوثته، والمشكل عندنا هو من ظهرت فيه العلامات كلها واستوت فيه. أو لم تكن له لا آلة رجل ولا آلة أنثى ولكن ثقب يبول منه.
وذهب الحسن البصري والقاضي إسماعيل من أصحاب مذهب مالك إلى أنه لا وجود للخنثى المشكل. قال القاضي إسماعيل: ولابد أن تكون له علامة تزيل إشكاله.
لطيفة: أول من حكم في الخنثى في الجاهلية عامر بن الظرب العدواني، أحد حكماء العرب: نزلت به قضية فسهر ليلته، فقالت جاريته سخيلة عندما سهر، وكانت ترعى غنمه، ما أسهرك يا سيدي: قال: لا تسألي عما لا علم لك به، ليس هذا من رعي الغنم في شيء، ثم رجعت فسألته، ثم كررت عليه السؤال وقالت: لعلك تجد عندي مخرجًا، فأخبرها بأن ناسًا تحاكموا عليه في ميراث خنثى، فقالت له: أتبع المالَ المبالَ يا سيدي، فقال: فرجتها يا سخيلة. قيل: وكانت سخيلة لا تذهب بالغنم إلى المرعى إلا بعد أن يتعالى النهار، وتذهب الرعاة إلى مسارحها، وكانت أول راعٍ يأتي في الرواح، وكان عامر كثيرًا ما يضربها من أجل ذلك، فلما حلت له مشكلة الخنثى أقسم أن لا يضربها مما تصنع =