= عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في خطبة خطبها:"لَا يَجُوزُ لاِمْرأَةٍ عَطِيَّةٌ في مَالِهَا إلَّا بِإذْنِ زَوْجِهَا إِذْ هُوَ مَالِكُ عِصْمَتِهَا". رواه أبو داود.
قال ابن قدامة: ولفظه عن عبد الله ابن عمرو أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"لَا تَجُوزُ لامْرأَةٍ عَطِيَّةٌ إِلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا". قال: وِلأن حق الزوج متعلق بمالها، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"تُنْكَحُ الْمرأَة لمالها، وجمالها، ودينها". قال: والعادة أن الزوج يزيد في مهرها لمالها، ويتبسط فيه وينتفع به، فإذا أعسر بالنفقة أنظرته، فجرى ذلك مجرى حقوق الورثة المتعلقة بمال المريض. ا. هـ. منه.
والرواية الأخرى عن أحمد، ومذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وابن المنذر؛ أن المرأة الرشيدة لها التصرف في مالها كله، بالتبرع والمعاوضة، عملًا بمنطوق قوله تعالى: {فَإِنْ آنَتُيمْ منْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ". الآية.
تنبيهٌ: يجوز للمرأة الصدقة من مال زوجها بالشيء اليسير بدون إذنه، لحديث عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. "مَا أنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ كَانَ لَهَا أَجْرُهَا وَلَهُ مِثْلُهُ بِمَا كَسَبَ، وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِك مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ".
ولم يذكر إذنًا. وعن أسماء أنها جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، ليس لي شيء إلا ما أدخل علي الزبير، فهل عليَّ جناح أن أرْضَخَ مِمَّا يَدْخُلُ عَليَّ؟. فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْتِ وَلَا تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ". قال ابن قدامة: متفق عليهما. وقولها: فهل لي أن أرضخ، الرضخ: العطاء اليسير. وقوله: توعي: تحبسي. أي لا تمنعي العطاء وتحبسي النفقة عن الفقراء فيوعى عليك، أي يحبسها الله عنك، قال: وهو مأخوذ من وضع الشيء في الوعاء. والله أعلم.
قال ابن قدامة: وروي أن امرأة أتت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله، إنَّا كَلٌّ على أزْوَاجنَا وآبائِنَا، فما يحلُ لنا مِن أموالهم؟. قال: "الرُّطَبُ تَأْكُلِينَهُ وَتُهْدِينَهُ". قال: ولأن العادة السماح بذلك وطيب النفس، فجرى ذلك مجرى صريح الإِذن.
فإن صرح لها بالمنع من ذلك بأن قال: لا تتصدقي بشيء ولا تتبرعي من مالي بقليل ولا بكثير، لم يجز لها ذلك، لأن المنع الصريح رفع للإِذن العرفي.
قال ابن قدامة. ولو كان في بيت الرجل من يقوم مقام امرأته، كجاريته، أو كأخته، أو كالغلام