للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عبد البر: ثبت من حديث أبي هريرة وجابر ويعمر بن هزال

ونصر بن دهر وغيرهم: أن ماعزا لما هرب فقال لهم: ردوني إلى

رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: " فهلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه " (١) .ففي هذا

أوضح الدلائل على أنه يقبل رجوعه.

ولأن رجوع المقر شبهة والحد يدرأ (٢) بالشبهات.

ولأن الإقرار أحد سببي إقامة الحد فسقط بالرجوع عنه كالبينة إذا رجعت قبل

إقامة الحد. وفارق سائر الحقوق فإنها لا تدرأ بالشبهات.

(فإن تمم) الحد عليه بعد رجوعه: (فلا قود) فيه، (وضمن راجع)

أي: مصرح بالرجوع؛ لأنه قد زال إقراره بالرجوع عنه. (لا هارب) يعني:

أن الهارب في أثناء الحد لا يضمن بإتمام الحد عليه؛ لأن هربه ليس صريحا في الرجوع. وحيث ضمن المصرح بالرجوع فإنه يكون ضمانه (بالدية) دون

القصاص؛ لأن العلماء اختلفوا في صحة رجوعه. فكان اختلافهم شبهة دارئة للقصاص.

ولأن صحة الرجوع مما يخفى حكمها فيكون ذلك عذرا مانعا من وجوب

القصاص.

(وإن ثبت) على مكلف الزنا (ببينة على الفعل) أي: فعل الزنا،

(فهرب: لم يترك)؛ لأن زناه ثبت على وجه لا يبطل برجوعه. فلا يؤثر

رجوعه ولا هربه.

(ومن أتى حدا: ستر نفسه، ولم يجب- ولم يسن- أن يقر به عند

حاكم). نقل مهنا: رجل زنا يذهب يقر؛ قال: بل يستر نفسه. واستحب

القاضى إن شاع رفعه إلى حاكم؛ ليقيمه عليه.


(١) أخرجه أبو داود في "سننه " (٤٤٢٠) ٤: ١٤٥ كتاب الحدود، باب رجم ماعز بن مالك.
(٢) في ب: والحدود تدرأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>