الشرط (الثانى) من شروط صحة الوقف: (كونه على بِرِّ). سواء كان الواقف مسلماً أو ذمياً. نص عليه أحمد: في نصارى وقفوا على البيعة ضياعاً كثيرة وماتوا ولهم أبناء نصارى فأسلموا والضياع بيد النصارى: فلهم أخذها، وللمسلمين عونهم حتى يستخرجوها من أىديهم.
قال في " المغني ": وهذا مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافاً؛ لأن ما لا يصح من المسلم الوقف عليه لا يصح من الذمي كالوقف على غير معين.
فإن قيل: فقد قلتم أن أهل الكتاب إذا عقدوا عقوداً فاسدة وتقابضوا ثم أسلموا أو ترافعوا إلينا لم ينقض ما فعلوه. فكيف أجزتم الرجوع فيما وقفوه على كنائسهم؛
قلنا: الوقف ليس بعقد معاوضة. وإنما هو إزالة للملك في الموقوف على وجه القربة. فإذا لم يقع صحيحا لم يزل الملك. فيبقى بحاله؛ كالعتق.
وقد روي عن أحمد رحمه الله: في نصرانى أشهد على نفسه في وصية: أن غلامه فلاناً يخدم البيعة خمس سنين ثم هو حر. ثم مات مولاه وخدمه سنة ثم أسلم ما عليه؟ قال: هو حر. ويُرجع على الغلام بأجرة خدمة مبلغ أربع سنين.
وروي عنه فال: هو حر ساعة مات مولاه؛ لأن هذه معصية. وهذه الرواية أصح وموافق لأصوله.
ويحتمل أن قوله: يُرجع عليه بخدمه أربع سنين لم يكن لصحة الوصية. بل
لأنه إنما اعتقه بعوض يعتقدأن صحته. فإذا تعذر العوض بإسلامه كان عليه ما يقوم مقامه؛ كما لو تزوج الذمي ذمية على ذلك ثم اسلم فإنه يجب عليه المهر. كذا هاهنا يجب عليه العوض. والأول أولى. انتهى.
والمراد بالبر هنا (١) القربة؛ وذلك (كـ) الوقف على (المساكين