للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال في " الإنصاف ": هل يملك المسلم موات الحرم وعرفات بإحيائه؛

يحتمل وجهين. وأطلقهما في " التلخيص " و" الرعاية " و" الفر وع ".

قلت: الأول ى أو لا يملك ذلك بالإحياء. ثم وجدت الحارثي قال: هذا الحق. انتهى.

وأما كون المسلم لا يملك ما أحياه من أرض كفار صولحوا على أنها لهم ولنا الخراج عنها، لأنهم صولحوا في بلادهم. فلا يجوز التعرض لشيء منها عامراً كان أو مواتا، لأن الموات تابع للبلد (١) . فإذا لم يملك عليهم البلد لم يملك مواته.

ويفارق دار الحرب حيث يملك مواتها، لأن دار الخرب على أصل الإباحة. وهذه صالحناهم على تركها لهم فحرمت علينا.

قال في " المغنى ": ويحتمل أن يملكها من أحياها، لعموم الخبر.

ولأنها من مباحات دارهم. فجاز أن يملكها من وجد منه سبب. فملكها؛ كالحشيش والحطب. وقد روي عن أحمد: أو ليس في السواد موات- يعني: سواد العراق-.

قال القاضي: هذا محمول علي الدار. ويحتمل أن أحمد قال ذلك؛ لكون السواد كان معموراً كله في زمن عمر بن الخطاب وحين أخذه المسلمون من الكفار. حتى بلغنا أن رجلاً منهم ساًل أن يعطى خربة فلم يجدوا له خربة فقال: أنما أردت أن أعلمكم كيف أخذتموها منا. وإذا لم يكن فيها موات حين ملكها المسلمون لم يصر فيها موات بعده، لأن ما دثر من أملاك المسلمين لم يصر مواتا على أحد الروايتين. انتهى.

واما كون ما فرب من العامر وتعلق بمصالحه لا يملك بالإحياء بلا خلاف في المذهب؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " من أحيى أرضاً ميتة في غير حق مسلم فهي له " (٢)


(١) في أ: البلد.
(٢) أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " ٦: ١٤٧ كتاب إحياء الموات، باب ما يكون إحياء وما يرجى فيه من الأجر

<<  <  ج: ص:  >  >>