للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالجواب: أن ذلك كان في غزوة بدر، وغنائمها كانت لمن أخذها. قَبْل

أن يُشرك الله تعالى بينهم. ولهذا نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أخذ شيئا فهو له " (١) فكان ذلك من قبيل المباحات.

فإن قيل: غنائم بدر كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له أن يدفعها لمن يشاء، ويحتمل أن يكون فعل ذلك لهذا. فلا يكون في الحديث حجة على صحه الشركه؟ قالجواب: أن الله تعالى إنما جعل الغنيمة لنبيه بعد أن غنموا واختلفوا في الغنائم فأنزل الله تبارك وتعالى (٢) : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ} [الأنقال: ١] والشركة كانت قبل ذلك. ويدل على صحة هذا: أنها لو كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخل: إما أن يكون قد أباحهم أخذها فصارت كالمباحات، أو لم يبحها لهم فكيف يشتركون في شيء لغيرهم.

ويدل لصحة شركة الأبدان من جهة المعنى: أن العمل أحد جهتى المضاربة. فصحت الشركة عليه؛ كالمال.

وعلى أبي حنيفه: أنا لا نسلم أن الوكالة لا تصح في المباحات فإنه يصح أن يستنيب في تحصيلها بأجرة، وكذلك يصح بغير عوض إذا تبرع أحدهما بذلك؛ كالتوكيل في بيغ ماله.

(و) النوع الثانى: أن يشتركا فيما (يتقبَّلان في ذممهما من عمل)؛ كنسج وقصارة وخياطة.

قال أحمد في روايه الأثرم وإبراهيم بن الحارث: في خياطين اشتركا فقال

كل واحد منهما للآخر: ما أصبت (٣) فبيني وبينك: فهو جائز.

وإن قال أحدهما: أنا أتقبل (٤) وأنت تعمل والأجرة بيني وبينك: صحت


(١) أخرجه البيهقي. في " السنن الكبرى " ٦: ٣١٦ كتاب قسم الفيء والغنيمة، باب الوجه الثالث من النفل.
(٢) في أ: فانزل الله تعالى.
(٣) في أ: أصيب.
(٤) في أوب: القبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>