للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[لا يُخَيّر] (١) بين الفعل والترك، بل لا يجوز تأخيره إلا بشرط العزم على الأداء، وهذا كقوله: " من أراد الجمعة فليغتسل " (٢) ، و " من أراد الصلاة فليتوضأ "، وقوله سبحانه وتعالى: (لمن شاء منكم أن يستقيم) [التكوير: ٢٨].

والغرض بذلك: أن الإرادة تميز بين القاصد والساهي. فإنّ الإرادة تحدث

عند حدوث الوجوب. فحينئذ يخاطب بالتعجيل، أو لأن الإرادة تكون واجبة ومستحبة فكذلك التعجيل المعلق عليها حكمه حكمها.

ولأن الحج والعمرة فرض العمر فأشبها الإيمان.

ولأن الحج عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة غالباً. فأشبه الجهاد.

ولأنه أحد مبانى الإسلام. فلم يجز تأخيره إلى غير وقت معين؛ كبقية المبانى. بل أولى؛ لأن سائر المبانى يصح فعلها في كل وقت. ثم منها ما هو مضيق بالكلية؛ كالصوم، ومنها ما فيه توسعة يسيرة لا تفوت مصلحتها غالباً؛ كالصلاة؛ لأنه إذا خيف من حدوث عائق، أمكن غالباً تقدمه أو الاستدراك بالقضاء عقبه.

وأما الحج فمدته طويلة ومشقته كثيرة ولا يصح في السنة إلا مرة. فكان التحفظ منه أولى.

وأما تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم -وأصحابه فيحتمل أنه قبل نزول فرضه. فإنه قد قيل: أن

قوله عز وجل: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ... } الاية [ال عمران: ٩٧] نزلت في سنة عشر.

وقيل: في سنة تسع في أواخرها.

ويحتمل أنه بعد (٣) نزول فرضه. ويكون تأخيره إما لأن الله سبحانه وتعالى أطلع نبيه على أنه لا يموت حتى يحج فكان على يقين من الإدراك. قاله أبو زيد الحنفى.


(١) ساقط من أ.
(٢) أخرجه مسلم في " صحيحه " (٨٤٤) ٢: ٥٧٩ كتاب الجمعة.
(٣) ساقط من أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>