للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وسُن تعفف غني عنها) أي: عن صدقة التطوع (وعدم تعرضه لها) أي: لصدقة التطوع؛ لأنه سبحانه وتعالى مدح المتعففين عن السؤال مع وجود حاجتهم. قال سبحانه وتعالى (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف)] البقرة: ٢٧٣].

(و) لكل من فقير ومسكين هاشمي وغيره أخذ من (وصية لفقراء. إلا النبي صلى الله عليه وسلم) من بني هاشم. فإن الصدقة كانت محرمة عليه مطلقاً فرضها ونفلها على الأصح؛ لأن اجتنابها كان من دلائل نبوته وعلاماتها فلم يجز الإخلال به. فروى أبو هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام سأل عنه أهدية أم صدقة؟ فإن قيل: صدقة قال لأصحابه: كلوا. ولم يأكل. وإن قيل: هدية ضرب بيده وأكل معهم " (١) . متفق عليه.

وفي حديث سلمان الفارسي أن الذي أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه له قال:

" إنه يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة " (٢) . والحديث بطوله في " مسند أحمد ". ولأن آل محمد لما منعوا فرض الصدقة لشرفهم على غيرهم: وجب أن ينزه النبي صلى الله عليه وسلم عن نفلها وفرضها لشرفه على الخلق كلهم تمييزاً له بذلك. كما خص مع خمس الخمس بالصفي من المغنم، وبالإسهام له مع غيبته من المغانم.

قال في " شرح الهداية ": ولا خلاف نعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحرم عليه أن يقترض، ولا أن يهدى له، أو ينظر بدينه، أو يوضع عنه، أو يشرب من سقاية موقوفة على الماء، أو يأوي إلى مكان جعل للمارة، ونحو ذلك من أنواع المعروف التي لا غضاضة فيها. والعادة جارية بها في حق الشريف والوضيع. وإن كان يطلق عليها اسم الصدقة. قال سبحانه وتعالى: (فمن تصدق به فهو كفارة له)] المائدة: ٤٥].

وقال: (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم)] البقرة: ٢٨٠].


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه " (٢٤٣٧) ٢: ٩١٠ كتاب الهبة وفضلها، باب قبول الهدية.
وأخرجه مسلم في "صحيحه " (١٠٧٧) ٢: ٧٥٦ كتاب الزكاة، باب قبول النبي صلى الله عليه وسلم الهدية ورده الصدقة.
(٢) أخرجه أحمد في " مسنده " (٢٣٤٠٥) ٥: ٤٤٤. ()

<<  <  ج: ص:  >  >>