يبقى الناس في قبورهم من مات ومن سيموت ومن تقوم عليهم الساعة، يبقون في قبورهم ما شاء الله تبارك وتعالى على تلك الحال إلى يوم القيامة، ويوم القيامة جاء تفصيل أحداثه في كتاب الله تعالى، وجاءت له أسماء معبرة، فهو يوم القيامة، وهي الساعة، وهي الحاقة، وهي الآزفة، وهو يوم التناد إلى آخر أسماء يوم القيامة.
لكن هناك أسماء تدل على هول ذلك اليوم، فيكفي أن يصفه ربنا تبارك وتعالى بأنه يوم عظيم، قال تعالى:{أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين:٤ - ٦].
وهو يوم ثقيل {إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا}[الإنسان:٢٧].
وهو يوم عسير، قال تعالى:{فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ}[المدثر:٩ - ١٠].
هذا اليوم تجتمع فيه الأهوال من كل جانب، وهو يوم الرعب والفزع العظيم، ووالله إن تصوير ذلك اليوم لا يستقيم التعبير عنه أمام كلام الله تبارك وتعالى لأحد، فاقرأ القرآن تعرف حقائق ذلك اليوم، قال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}[الحج:١ - ٢].
وهو يوم تشخص فيه أبصار الظلمة على مختلف أنواع ظلمهم، قال تعالى:{وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ}[إبراهيم:٤٢ - ٤٣]، شاخص البصر لا يرتد إليه طرفه من شدة الهول.
وهو يوم تبلغ فيه القلوب الحناجر، قال تعالى:{وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ}[غافر:١٨].
وهو يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار، وهو يوم يجعل الولدان شيباً، إنه يوم عظيم، فهل أحضرت في ذهنك ذلك اليوم العظيم وتصورت نفسك واحداً من ذلك الجمع الكبير؟ ما هي حالك يا عبد الله؟ ويكفي في هول ذلك اليوم أنه يوم طويل جداً، نحن في الدنيا نعيش سنوات معدودات، لكن ذلك اليوم قال تعالى عنه:{تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}[المعارج:٤]، وبعد أن يكسى إبراهيم يكسى محمد صلى الله عليه وسلم ثم الأنبياء ثم المؤمنون.
أما الكفار والفجار فهل يكسون يوم القيامة؟
الجواب
لا.
ولكن يسربلون بسرابيل القطران ودروع الجرب من نار جهنم، نسأل الله السلامة والعافية.