[حكم مزاولة الموظف للتجارة ومخالفة عقد العمل بذلك الفعل]
السؤال
فضيلة الشيخ: لقد ذكرت في اللقاء السابق بأن النظام لا يسمح للموظف بأن يشتغل بالتجارة، ولكن يا فضيلة الشيخ! بعض الناس راتبه لا يكفيه، فهل يثقل كاهله بالديون، أم يعمل بالتجارة التي أباحها الله سبحانه وتعالى؟
الجواب
أقول لا يثقل كاهله بالديون، ولا يعمل بالتجارة، إذا كان يرى أن التجارة خير له من الوظيفة فليدع الوظيفة، وإن كان يرى أن الوظيفة خير له من التجارة فليدع التجارة.
وأما قوله: التي أحلها الله، فنقول: نعم، الله أحل التجارة، لا شك في هذا، لكن الذي أحل التجارة، أوجب الوفاء بالعقود فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}[المائدة:١] وإذا كان الموظف يعلم أنه إذا دخل في الوظيفة منع من التجارة، فقد دخل على شرط يجب عليه أن يوفيه بهذا الشرط، ما لم يسقطه من شرطه، يعني: ما لم تسقطه الحكومة.
وهذه العبارة التي أراد أن يهون مسألة التجارة للموظف كقوله: التي أباحها الله، يجب أن نعلم أن الشرع يقيد بعضه بعضاً، فتأتي أحاديث مطلقة لابد أن تقيد وهي كثيرة جداً، اقرأ قول الله تعالى في محرمات النكاح بعد أن ذكر المحرمات:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ}[النساء:٢٤] لو قال قائل: هذه الآية تدل على أن المرأة يجوز تتزوج بلا ولي، يجوز تتزوج بلا رضا، يجوز أن تتزوج بلا شهود، لأن ما في الآية هذه، هل يستقيم هذا الكلام أم ما يستقيم؟ لا يستقيم، فقوله:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ}[البقرة:٢٧٥] مطلق يحمل على نصوص أخرى، وهو وجوب الوفاء بالعقد، فأنت الآن دخلت مع الحكومة على أنك موظف لك ما للموظفين وعليك ما على الموظفين، لكن قد يقول قائل: إننا نرى من الموظفين الكبار من يمارس البيع والشراء وهم أكثر منا بملايين الدراهم، فما بالنا نحن الصغار لا نتمكن من البيع والشراء.
والجواب عن هذا أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: (إنكم سترون بعدي أثرة؛ فاصبروا حتى تلقوني على الحوض) يعني: ستجدون من يستأثر عليكم من الولاة ولكن اصبروا حتى تلقوني على الحوض، انظر فائدة الصبر أن يلقى الإنسان رسول الله على الحوض، هذا يساوي الدنيا كلها.
وفي حديث عبادة بن الصامت قال:(بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا وأثرةٍ علينا) ما معنى أثرة؟ يعني استئثار علينا، يعني الذين يأمروننا يستأثرون علينا، حتى مع الأثرة علينا نقوم بالحق الذي لهم ونسأل الله أن يهديهم لأداء الحق الذي عليهم، هذه وظيفتهم، وأما الاحتجاج بشيء ليس حجة عند الله فهذا لا ينفع الإنسان.