ابتلينا بالصور في الثياب والكتب والمجلات والفُرُش، فما حكم الفُرُش والبطانيات التي يكون فيها رسماً لحيوانات، وهل تجوز الصلاة في الغرف التي فيها مثل هذه البطانيات؟
الجواب
الواقع أننا كما قال السائل ابتلينا بهذه الصور، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة) وإذا أخذنا بعموم هذا الحديث شمل كل شيء فيه صورة؛ ولكن جمهور أهل العلم يقولون: إن الصورة التي تُمْتَهَن -وهي: التي في الفرش- لا بأس بها، ويجوز أن يستعملها الإنسان؛ ولكن مع ذلك أنا أشير أن الإنسان يدعها حتى في الأشياء التي تُمْتَهَن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم إلى بيت عائشة ورأى نمرقة -يعني: وسادة- فيها صورة، فوقف، وعُرِفَت الكراهية في وجهه، فقالت عائشة رضي الله عنها:(إني أتوب إلى الله ورسوله، ماذا صنعتُ يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يُعَذَّبون، يقال: أحيوا ما خلقتم) ثم أمرها صلى الله عليه وسلم أن تشقها نصفين، فهذا يدل على أنه حتى وإن كانت في الأشياء التي تُمْتَهَن فإن تجنبها أولى، فتجنب هذه الصور أولى بكل حال؛ حتى في الفرش والمَخاد والمساند.
لكن هناك شيء أيضاً ابتلي الناس به، وهو ما يكون في المجلات والجرائد، وعندي أنه لا يلزم الإنسان أن يطمس كل ما يجد في المجلات والجرائد من أجل المشقة، والله سبحانه وتعالى يقول:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج:٧٨] والإنسان لم يشترِ هذه المجلات والجرائد من أجل صورها، بل من أجل ما فيها من الأخبار والعلوم، ولهذا يوجد مجلات مخصوصة للصور، تجدها مشتملة على هذه الصور، هذه لا شك أنها حرام، ولا يجوز للإنسان أن يدخلها بيته.
وبهذه المناسبة أقول: إنه يجب على الرجال أن يلاحظوا النساء الناقصات في العقول والدين، فإن النساء ابتلين الآن بشراء مجلات الأزياء، تجد المرأة عندها مجلة أو مجلتان من مجلات الأزياء تنظر إليهم، وهذا من الغزو الفكري الذي غزا به أعداءُ المسلمين المسلمين في عقر دارهم وهم لا يعلمون، ما بالنا وبال هذه الألبسة التي قد تكون محرمة في ذاتها، وقد تكون محرمة من أجل ما اشتملت عليه من التشبُّه، ثم هي أيضاً تُعرض في صور -والعياذ بالله- شبه عارية، في صور فاتنة، تلقى الصورةَ طويلةً وجميلةً ومتخصِّرةً وواضعةً يدها على خصرها، وعليها هذا الزي، كأنما تقول لنسائنا: افعلن مثلما فعلتُ، فالواجب على الرجال إذا رأوا مثل هذه المجلات بأيدي النساء أن يأخذوها ويحرقوها، وأن يوبخوا النساء في اقتنائها؛ حتى لا ينتشر الشر بيننا، أنا أقول: إن البلاد الإسلامية التي تحلل كثير منها من الأخلاق أول ما ابتُليَت به مثل هذه المجلات، دُخِّلت على الناس في البيوت، فاقتدى الناس بها، وأخذوها شيئاًَ فشيئاً، حتى أصبحت الأزياء في كثير من بلاد الإسلام أصبحت مزرية، لا يجيزها ذو عقل سليم، فضلاًَ عن صاحب الدين.
أما الصلاة في الأماكن التي توجد فيها مثل هذه الصور فإن كانت من الأشياء المباحة كالذي يُمْتَهَن على قول جمهور أهل العلم فلا بأس بها، وإن كانت من الأشياء التي غير مباحة، مثل الصور المعلقة فإنه لا يُصلى في هذا المكان حتى تُنَزَّل الصور، مع أن هذه الصور المعلقة لا يجوز أن تعلَّق أبداً مهما كان المصوَّر، بعض الناس يضع صورته في برواز ويعلقها في المجلس، أو يضع صورة والده، أحياناً يضعون صورة الوالد وهو ميت، نسأل الله العافية، وبعض الناس يضع صور اللاعبين؛ لاعبي الكرة، وللناس إرادات وأهواء، المهم كل الصور المعلقة لا تجوز أياً كان المعلَّق.
والصلاة على تلك البُسُط لا شك أنها تشغل المصلي، الشيطان حريص على إشغال المصلي لا سيما إذا كان أمامه صورة، فسوف تشغله، ورسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم في خميصة -ثوب مُعَلَّم له أعلام- فنظر إلى أعلامها نظرة -كما جاء في الحديث- نظرة واحدة فلما انصرف من صلاته أمر بأن تؤخذ هذه الخميصة وتُعطى أبا جهم، وتؤخذ أمبجانية أبي جهم بدلاًَ عنها، فتأمَّلَ الرسول عليه الصلاة والسلام، ونظر إليها نظرة، فكيف بمن يجلس وينظر الصور، وينظر الرأس واليدين والرجلين، ويخطط ويزين، الشيطان أيضاًَ يجيء له بتخيلات أخرى غير الموجودة في الفراش، فالواجب أو الذي ينبغي للإنسان أن يتجنب كل ما يشغله عن صلاته.
إن شاء الله تعالى إلى جلسة قادمة.
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.