١٥٢٣ - أبو العباس أحمد بن محمَّد بن المخنار بن أحمد الشريف التجاني: العالم العامل المتصوف العارف بالله الرباني الولي الكبير القطب الشامخ الشهير. كان ذا صيت بعيد وحال مفيد. له بالمغرب وما والاها أصحاب وأتباع كثيرون ويتغالون فيه إلى حد يفوق الوصف ويعظمونه تعظيماً بليغاً ويصفونه بصفات عظيمة وأخلاق كريمة وينسبون إليه النهي عن زيارة القبور وبعض أهل العلم والدين يثني عليه ويصفه بالعلم والمعرفة اشتغل بطلب العلوم الأصولية والفروعية والأدبية حتى رأس فيها وحصل أسرار معانيها وقرأ على الشيخ المبروك بن أبي عافية التجاني المضاوي مختصر خليل والرسالة ومقدمة ابن رشد والأخضري فكان يدرس ويفتي وله أجوبة في فنون من العلم أبدى فيها وأعاد وحرر المعقول والمنقول فأفاد. وفي عام ١١٧١هـ رحل لفاس وسمع فيها شيئاً من الحديث ولقي الشيخ الطيب الوزاني والشيخ أحمد الصقلي ثم رحل لتلمسان وأقام بها يدرس التفسير والحديث وغيرهما وحج سنة ١١٨٦ هـ ومر بتونس وأقام بها مدة وفي طريقه للحج لقي أعلاماً وأفاد واستفاد واجتمع بكثير من العلماء الأخيار ورجع بعد حجه لفاس ثم رحل لتوات وأذن له في التلقين سنة ١١٩٦ هـ والحاصل أنه جليل القدر. قدم فاساً سنة ١٢١٣هـ واستوطنها والسبب في ذلك أنه كان الباي محمَّد بن عثمان صاحب وهران أزعجه من تلمسان إلى قرية أبي حمقون وحصل له بها الفتح وأقبل عليه أهلها ولما توفي الباي المذكور وتولى بعده ابنه عثمان وقع السعي له بالشيخ فبعث إلى أهل حمقون بتهديدهم إن لم يخرجوه ولما بلغ الشيخ ذلك خرج منها مع بعض تلامذته وأولاده سالكاً طريق الصحراء حتى دخل فاساً سنة ١٢١٣هـ وبعث رسوله إلى السلطان أبي الربيع سليمان يعلمه بأنه هاجر إليه من جور الترك ولما اجتمع به ورأى سمته ومشاركته في العلوم أقبل عليه ومنحه داراً غاية في الاحتفال وجراية نبيهة وإذ ذاك اشتهر أمره بالمغرب هو شيخ الطائفة التجانية. ألّف في مناقبه بعض أصحابه منها جواهر المعاني واجتمع به الشيخ إبراهيم الرياحي بفاس حين قدم لها سفيراً وتبرك به وأخذ عنه. مولده سنة ١١٥٠هـ وتوفي سنة ١٢٣٠هـ[١٨١٤م]، وكانت جنازته مشهودة وقبره بفاس متبرك به.