للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فمن أثبت شيئاً منها، ونفى الآخر كان مع مخالفته للنقل والعقل متناقضاً مبطلاً"١.

القاعدة الخامسة:

(دلالة الأسماء على الذات والصفات تكون بالمطابقة والتضمن والالتزام) .

قال ابن سعدي رحمه الله: "وهذه القاعدة من أجل القواعد وأنفعها وتستدعي قوة فكر، وحسن تدبر وصحة قصد.....إلى أن قال:

والطريق إلى سلوك هذا الأصل النافع أن تفهم ما دل عليه اللفظ من المعاني، فإذا فهمتها فهماً جيداً، ففكر في الأمور التي تتوقف عليها ولا تحصل بدونها وما يشترط لها، وكذلك فكر فيما يترتب عليها وما يتفرع عنها وينبغي عليها، وأكثر من هذا التفكير وداوم عليه حتى يصير لك ملكة جيدة في الغوص على المعاني الدقيقة فإن القرآن حق ولازم الحق حق وما يتوقف على الحق حق، وما يتفرع عنه الحق حق، ذلك كله حق ولا بد"٢.

وضرب لذلك مثلاً فقال:

"الرحمن الرحيم تدل بلفظها على وصفه بالرحمن، وسعة رحمته فإذا فهمت أن الرحمة التي لا يشبهها رحمة: هي وصفه الثابت وأنه أوصل رحمته إلى كل مخلوق، ولم يخل أحد من رحمته طرفة عين، عرفت أن هذا الوصف يدل على كمال حياته، وكمال قدرته وإحاطة علمه، ونفوذ مشيئته، وكمال حكمته لتوقف الرحمة على ذلك كله، ثم استدللت بسعة رحمته على أن شرعه نور ورحمه؛ ولهذا يعلل الله تعالى كثيراً من الأحكام الشرعية برحمته وإحسانه، لأنها من مقتضاها وأثرها

وقال في كتابه الحق الواضح المبين بعد أن ذكر هذه القاعدة "وهذا يجري في جميع الأسماء الحسنى، كل واحد منها يدل على الذات وتلك الصفة دلالة مطابقة، ويدل على الذات وحدها أو على الصفة وحدها دلالة تضمن، ويدل على الصفة الأخرى اللازمة لتلك المعاني دلالة التزام. مثال ذلك:

الرحمن: يدل على الذات وحدها وعلى الرحمة دلالة تضمن، وعلى الأمرين دلالة


١ الخلاصة /٧، وانظر الفتاوى السعدية /١١، وسؤال وجواب /٦، والتفسير ١/٣٣، ٣٤، والقواعد الحسان /١١٠، والتنبيهات اللطيفة /٢٠.
٢ القواعد الحسان /٣١ بتصرف يسير.
٣ القواعد الحسان /٣٢.

<<  <   >  >>