للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا يعلم أن أسماء الله وصفاته لا مجال للعقل فيها، فلا يجوز أن يوصف الله عز وجل إلا بما ورد في الكتاب والسنة.

ولو وصف أحد الله عز وجل بصفة لم ترد في الكتاب والسنة فقد تقول على الله بلا علم، وافترى على الله الكذب، قال تعالى: {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} ١.

وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} ٢.

يقول الشيخ ابن سعدي في بيان هذه القاعدة: "فمن وصف الله بغير ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله أو نفى عنه ما أثبته لنفسه أو أثبت له ما نفاه عن نفسه فقد قال على الله بلا علم"٣.

قال تعالى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} ٤.

(أسماء الله الحسنى كلها أعلام وأوصاف دالة على معانيها وكلها أوصاف مدح وحمد وثناء) ٥.

ومعنى ذلك أن أسماء الله ليست أعلام محضة لا تدل على معاني كما يقول ذلك المعتزلة، فالمعتزلة أثبتوا لله الأسماء دون ما تتضمنه من الصفات فمنهم من جعل العليم والقدير والسميع والبصير كالأعلام المحضة المترادفة، ومنهم من قال عليم بلا علم قدير بلا قدرة، سميع بلا سمع، بصير بلا بصر، فأثبتوا الاسم دون ما تضمنه من الصفات٦.

بل هي أعلام وأوصاف. ولو كانت أسماؤه تعالى أعلاما محضة بدون معاني لم تكن حسنى، ومن قال بذلك فقد عطل أسماء الله عن معانيها. ولا يتم الإيمان بالأسماء والصفات إلا بترك التعطيل.


١ سورة/ الآيتان ١٦٨، ١٦٩
٢ سورة هود/ الآية ١٨.
٣ التفسير ١/٢٠٠، ١٠٢، وانظر أيضا التفسير ٣/٤١٣، والمواهب الربانية /٦١.
٤ سورة الإسراء/ الآية ٣٦.
٥ هذه القاعدة قد تكون بمثابة التوضيح والبيان للقاعدة الأولى.
٦ الفتاوى لابن تيمية ٣/٨، والرسالة التدمرية له /١٣.

<<  <   >  >>