للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغطّت بأيديها ثمار نحورها ... كأيدي الأسارى أثقلتها الجوامع

قال دعبل: فقال لي أبو نواس: هات أبا عليّ وكأني بك قد جئت بأمّ القلادة .. لا تعجبي يا سلم، فأنشدته: [الكامل]

أين الشباب وأيّة سلكا ... أم أين يطلب؛ ضلّ أم هلكا

لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى

يا ليت شعري كيف صبركما ... يا صاحبيّ إذا دمي سفكا

لا تطلبا بظلامتي أحدا ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا

ثم سألناه أن ينشدنا فأنشد: [البسيط]

لا تبك ليلى ولا تركن إلى هند ... واشرب على الورد من حمراء كالورد

كأسا إذا انحدرت في حلق شاربها ... وجدت حمرتها في العين والخدّ

فالخمر ياقوتة، والكأس لؤلؤة ... في كفّ جارية ممشوقة القدّ

تسقيك من عينها خمرا ومن يدها ... خمرا، فما لك من سكرين من بدّ

لي سكرتان وللنّدمان واحدة ... شيء خصصت به من بينهم وحدي

فلما بلغ هذا البيت، قاموا فسجدوا له، فقال: أفعلتموها! والله لا أكلمكم ثلاثا ولا ثلاثا ولا ثلاثا! ثم قال: تسعة في هجر الإخوان كثير، وفي بعضها استصلاح للفاسد، وعقوبة على الهفوة.، ثم التفت إلينا وقال: أعلمتم أن حكيما عتب على حكيم، فكتب المعتوب عليه إلى العاتب: يا أخي، إن أيامالعمر أقلّ من تحمّل الهجر، نظم ذلك الشاعر فقال: [مجزوء الكامل]

العمر أقصر مدة ... من أن يمحّق بالعتاب

أو أن يكدّر ما صفا ... منه بهجر واجتناب

وقال ابن طاهر: [الطويل]

إلى كم يكون الصّدّ في كلّ ساعة ... ولم لا تملّين القطيعة والهجرا!

رويدك إنّ الدّهر فيه بقية ... لتفريق ذات البين فانتظري الدهر!

وقال آخر: [الكامل]

ولقد علمت فلا تكن متجنيا ... أن الصدود هو الفراق الأوّل

حسب الأحبّة أن يفرّق بينهم ... ريب الزمان فما لنا نستعجل!

وقال القاضي عبد الوهاب: [المنسرح]

لا تتعجّل قطيعتي فكفى ... يوما بذا الدّهر بيننا مقطع

<<  <  ج: ص:  >  >>