وقال بكر بن سليمان الصواف: دخلنا على مالك بن أنس في العشيّة التي قبض فيها، فقلت: يا أبا عبد الله، كيف تجدك؟ قال: لا أدري ما أقول لكم، ستعاينون من عفو الله تعالى ما لم يكن في حسابكم. ثم ما خرجنا حتى أغمضنا عينيه.
وفي الحديث: «لو لم تذنبوا لجاء الله بأمة يذنبون فيغفر لهم»، وقال أبو نواس:
[مجزوء الوافر]
يا نواسي توقر ... وتعزى وتصبّر
ساءك الدهر بشيء ... ولما سرك أكثر
يا كبير الذنب عفو الله ... من ذنبك أكبر
أكبر الأشياء في أصغ ... ر عفو الله أصغر
ليس للإنسان إلا ... ما قضى الله وقدّر
ليس للمخلوق تدبي ... ر بل الخالق دبّر
وقال أبو العتاهية: [الوافر]
إلهي لا تعذّبني فإني ... مقر بالذي قد كان منّي
فما لي حيلة إلا رجائي ... لعفوك إن عفوت وحسن ظني
يظن الناس بي خيرا وإني ... لشرّ الناس إن لم تعف عني
وكم من زلة في الخطايا ... وأنت عليّ ذو فضل ومنّ
وإذا فكرت في ندمي عليها ... عضضت أناملي وقرعت سنيّ
وهذا آخر شعر قاله أبو العتاهية، وآخر شعر ختمت به هذا الشرح، راجيا من ربي صفحه وعفوه، والحمد لله أولا وآخرا كما يجب لجلاله غفرانك. اللهم تباركت وتعاليت. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، ورضي الله تعالى عن أصحاب رسول الله أجمعين وعن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.