تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} فلم يقل وأطيعوا الرسول وأطيعوا أولي الأمر منكم بل جعل طاعة أولي الأمر داخلة في طاعة الرسول، وطاعة الرسول طاعة الله وأعاد الفعل في طاعة الرسول دون طاعة أولي الأمر فإنه من يطع الرسول فقد أطاع الله فليس لأحد إذا أمره الرسول بأمر أن ينظر هل أمر الله به أم لا بخلاف أولي الأمر فإنه قد يأمرون بمعصية الله فليس كل من أطاعهم مطيعاً لله بل لابد فيما يأمرون به أن يعلم أنه ليس معصية لله وينظر هل أمر الله به أم لا سواء كان ولي الأمر من العلماء أو الأمراء ويدخل في هذا تقليد العلماء وطاعة أمراء السرايا وقبول ما ينسب عن المشايخ الصوفية كأبي يزيد البسطامي وغيره فإن كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلاَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمع أبو الفضل كتاباً من كلام أبي يزيد البسطامي سماه النور من كلام طيفور، فيه شيء كثير لا ريب أنه كذب على أبي يزيد البسطامي، وفيه أشياء من غلط أبي يزيد رحمه الله، وفي أشياء موافقة لأمر الشرع ومن قيل له عن أبي يزيد أو غيره من المشايخ أنه قال لمريديه ان تركتم أحداً من أمة محمد يدخل النار فأنا منكم بريء وتعقبه الآخرة وقال قلت لمريدي إن تركتم أحداً من أمة محمد يدخل النار فأنا منكم بريء فصدق هذا النقل عنه ثم جعل هذا المصدق لهذا عن أبي يزيد أو غيره يستحسنه ويستعظم حاله، فقد دل على عظيم جهله أو نفاقه فإنه ان كان قد علم ما أخبر به الرسول من دخول من يدخل النار من أهل الكبائر، وان النبي صلى الله عليه وسلم هو أول من يشفع فيهم بعد أن تطلب الشفاعة من الرسل الكبار كنوح وإبراهيم وموسى وعيسى فيمتنعون ويعتذرون، ثم صدق أن مريدي أبي يزيد أو غيره يمنعون أحداً من الأمة من دخول النار أو يخرجون كل من دخلها منهم كان ذلك كفراً منه بما أخبر به الصادق المصدوق بحكاية منقولة كذب ناقلها أو أخطأ قائلها إن لم يكن تعمد الكذب، وإن كان لا يعلم ما أخبر به الرسول كان من أجهل الناس بأصول الإيمان.