للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو قضية كلام المصنف في المجموع وجرى عليه السبكي١، ويدل له من السنة قول عائشة رضي الله عنها: "كنا نطبخ البرمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلوها الصفرة من الدم فيأكل ولا ينكره"٢ وظاهر كلام الحليمي وجماعة أنه نجس معفو عنه، وهذا هو الظاهر لأنه دم مسفوح وإن لم يسل لقلته ... "٣.

فالمستفاد من نصوص الشافعية: أن الدم الباقي على اللحم وعظامه نجس، لأنه دم غير مسفوح، وإن لم يسل لقلته، غير أنه معفو عنه لعدم إمكان التحرز عنه عند التناول، وإلى هذا ذهب الحليمي وجماعة من الشافعية.

في حين أن الرأي المقابل يرى أنه طاهر، وذكرت كتب الفقه الشافعي تفسيراً لهذا القول بأن مراد من قال به: أنه معفو عنه.

مذهب الحنابلة: أن الدم الذي يبقى على عروق مأكول اللحم بعد ذبحه طاهر على صحيح المذهب الحنبلي، وبالتالي فلا مانع من تناوله تبعاً لهذا اللحم أو ما علق به، وكذلك الحكم بالنسبة للدم الباقي في خلل اللحم بعد الذبح، وإن كان هناك من قال بنجاسته، وهذا ظاهر كلام القاضي على نحو ما نقله العلامة ابن الجوزي، وذكر الشيخ تقي الدين عدم الخلاف في العفو عنه، وأنه لا ينجس المرق بل يؤكل معها، وذلك لعدم إمكان التحرز عنه.

وقد جاء في الإنصاف: " ... ودم عروق المأكول طاهر على الصحيح من المذهب، ولو ظهرت حمرته ونص عليه، وهو الصحيح من المذهب، وهو من المفردات، لأن العروق لا تنفك عنه فيسقط حكمه، لأنه ضرورة، وظاهر كلام


١ هو عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي بن تمام السبكي أبو نصر، من كبار فقهاء الشافعية، ولد بالقاهرة وسمع بمصر ودمشق، تفقه على أبيه وعلى الذهبي، برع حتى فاق أقرانه، درس بمصر والشام، وولى القضاء بالشام كما ولى بها خطابة الجامع الأموي. من تصانيفه "طبقات الشافعية الكبرى" توفي رحمه الله سنة ٧٧١ ?. راجع: الأعلام للزركلي ٤/٣٢٥.
٢ ذكره القرطبي في التفسير ٢/٢٢٢ ولم يعزه لأحد.
٣ الشربيني ١/١١٢.

<<  <   >  >>