للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي إذا استولت عليها أفسدتها» (١).

ويقول الشوكاني: «قيل: تتقون المعاصي بسبب هذه العبادة، لأنها تكسر الشهوة وتضعف دواعي المعاصي» (٢).

ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «قال الله تعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به. والصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخُلُوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه» (٣).

«والصِّيام جُنَّة»: أي: (وقاية) يتوقَّى العبد به الآثام ويستتر به من النَّار، فإن العبد إذا كفَّ نفسه عن الذنوب والآثام والشَّهوات المحرمة في الدُّنيا كان ذلك سترًا له من نار جهنم في الآخرة. ففي الصومِ وقايةٌ من المأثم، لأنه يُعوِّد المسلم على خلق العفة والطهارة والمراقبة والخشية، ويحجبه عن هواجس النفس وثورات الشهوات المحرمة المستعرة، وهو أيضًا وقايةٌ لها من كل داء.

ويقول الألوسي: «أي: كي تحذروا المعاصي، فإن الصوم يعقم الشهوة التي هي أمها، أو يكسرها. فقد أخرج البخاري ومسلم في «صحيحيهما» عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر


(١) زاد المعاد (١/ ٢١١).
(٢) الشوكاني فتح القدير (١/ ١١٧).
(٣) صحيح البخاري (٢/ ٦٧٣) (برقم: ١٨٠٥)، وصحيح مسلم (٢/ ٨٠٦) (برقم: ١١٥١).

<<  <   >  >>