وإن الله تعالى لا يشرع لعباده إلا ما فيه صلاح شأنهم كله في معاشهم ومعادهم، وما فيه تحقيق للغايات والمقاصد الحسنة التي تتحقق معها مصالحهم الدينية والدنيوية، ومن هذه الوسائل العظيمة الزكاة التي هي أحد أركان الإسلام العظام.
ومن الثمار الطيبة التي تُجنَى من جراء إيتاء الزكاة جملة من الروابط الأخلاقية التي تدل على التلازم بينها وبين تلك الشعيرة العظيمة، والتي من أبرزها ما يلي:
[١ - تزكية النفس وتطهيرها من داء الشح والبخل]
إن حب المال غريزة تحمل الإنسان على حب المال وكنزه وإمساكه عن الإنفاق والبذل، فأوجب الشرع المطهر أداء الزكاة تطهيرًا للنفس، وإزالة حب المال منها ببذله تقربًا وطاعة لله تعالى.
وإنما شرعت الزكاة وفرضت تزكية لتلك النفس وتربية لها على التخلق بخلق الجود والكرم وترك الشح والبخل؛ لأن النفس جبلت على الشح والبخل ومحبة المال وكنزه وإمساكه إلا من رحم الله، فتتعود بإيتاء الزكاة الأخلاق الطيبة من الكرم والجود وسخاء النفس وسماحتها، وتتريض على أداء الأمانات لأهلها وإيصال الحقوق لأصحابها، وهذه غايات حميدة وأخلاق كريمة ومقاصد جليلة أرادها الشارع الحكيم تربية للمؤمن وتزكية لنفسه وتنقية لها من البطر وتطهيرًا لها من دنس الأثرَة والأنانية وحب الذات واستئثارها بالمال وسد أبواب الشيطان عليها الذي يأمرها بالشح والبخل خوفًا من الفقر والعيلة، وإذا تطهرت النفس من أدرانها صلحت وخرجت من وصف الشح والبخل إلى وصف الجود والكرم والإحسان.