للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلاّ إنّه جعله في مطر الدموع، وأنا جعلته في مطر الأحزان؛ وجعله في المضجع، وأنا جعلته في وسط الفؤاد، وإليك ارتياد الإبلاغ!

تقسم منك الترب قومي وجيرتي: ففي الظاهر إحيائي وفي البطن أمواتي

وتقدم كثير مما قيل في ذكر الوطن، وسيأتي مزيد فيه، إن شاء الله تعالى.

وقلت أنا في قوم غشوا لئيما فجعل جائزتهم الازدراء:

لأن تهملوا أو يزدرى بوجوهكم ... فذوا ورطات خاضها الطين بابته

ومن يستبل يوما حميراً ينلنه ... فلا يشجعه من بولهن إصابته

ولو كان حلم لأدري المرء إنّه ... من النوك أنَّ تمتد للصخر راحته

إلاّ إنَّ برقا خلبا غير ممطر ... وشائمة الحرمان والغم غايته!

ودخلت يوما عليه للتسليم عليه، فرأيت من لقياه ما أكره، فقلت في نفسي ارتجالا أو شبه ارتجال:

أتكبر يا أبن اللؤم بالكبر والخنا ... ولؤم لديه ما درى كرم الخلق؟

وتلتمس ركن المعالي براحة ... مغللة منها البنان إلى العنق؟

وتستقبلن وجه السيادة مسفراً ... بوجه كوجه الضفدع التف في سحق؟

وترقى سرير الملك يوما بأحمصٍ ... لو أعتسفت خضر الصوح بالمحق؟

ولو خاضت العذاب الفرات غدابها ... زعاقا يغص الشاربين وذا رنقِ

وتجري تصريف الرعايا جميعها ... على مسكة العصفور ذي الطيش الخرق

وتقدم في دفع الملمات عنهم ... بقلب هيوب يستفز من الوق

فهيهات منك المجد إنَّ كنت عاقلاً ... فدعه وإنَّ كنت المهوس فأسترق!

فلا خير فيه غير أن لقاءه ... يعلمك الهجو البليغ على صدق

وإن هجا الناس ليس يسوؤه ... وهل ساء من على العرض يستبقي؟

دخلت عليه زائرا فإذا أنا ... بكلب مطير عابس مائل الشدق

واحسن إذا أخطأت إن زرت مثله ... فيعاقبني بالتيه أو سيئ الخلق

وأنا أستغفر الله العظيم من هجو المسلمين، وثلب أعراض الغافلين. ولولا أن اغتياب

<<  <  ج: ص:  >  >>