ولتطبيق هذين المبدأين على الحياة المدرسية وللاستفادة منهما في التوجيه المسلكي خلال الحياة الدراسية لا بد وأن يمر الطفل بمرحلتين: ١) مرحلة تحضيرية وبها تكون استعدادات الطفل وقابلياته وميوله كامنة لم تبرز إلى الوجود، فوظيفة المربي في تلك المرحلة أن يقوم بإيقاظ وبعث تلك المواهب والاستعدادات الفطرية وبالتعرف عليها ومعرفة طبيعتها وذلك لا يتم إلا بوضع الطفل باحتكاك دائم مع العمل وأن يعمل الطفل بنفسه فيلاحظ المربي أثناء ذلك المشاغل التي تجذب انتباه الطفل والتي تسيطر على فعاليته. ٢) مرحلة تدريبية وهي بالأكثر مرحلة المدارس الثانوية وبها يتعرف المربي على اتجاه تلك الاستعدادات ومدى قوتها وحينئذ يسعى لتمرينها وتوجيهها في ذلك الاتجاه دون غيره على أن يقرن إلى هذه الاستعدادات الفطرية استعدادات مكتسبة من طبيعتها ومقوية لها.
فالمرحلة التحضيرية ليست مرحلة اختصاص بالمعنى الصحيح وإنما هي مرحلة تسبق الاختصاص وتهيؤه إذ بها توقظ عند الطفل بواسطة فعاليته الخاصة المواهب والاستعدادات والقابليات الموجودة لديه.
ولرب معترض يقول: أليس في اتجاه التربية الحديثة من جعل التعليم في المدارس الابتدائية عملياً ما يسمح لنا أن نقول أن القصد منه هو جعل التعليم الابتدائي ذو صبغة مهنية؟ وجواباً على هذا نقول: إذا كان القصد بالتعليم العملي التعليم المهني أي تعليم الطفل حرفة يرتزق منها فمن المتفق عليه بين عموم رجال التربية الحديثين أن هذا لا يمكن أن يتم أو يكون في المدرسة الابتدائية وذلك لأن الطفل في هذا السن لا يساعده نموه العضوي والعقلي والثقافي على أن تبرز مواهبه الكافية بصورة واضحة جلية حتى نتمكن من أن نوجهها توجيهاً مهنياً ودليلنا على ذلك أن الأطفال الذين يوضعون في هذا السن في مهنة ما كمهنة الخياطة مثلاً لا يتمكنون من أن يتعلموا تلك المهنة ولهذا فإنهم يقومون بأعمال تابعة لا تتصل إلا من بعيد بتلك المهنة وسبب ذلك أن الطفل ينقصه الانتباه الإرادي المتمركز حول هدف معين وفكر الاستقرار والنيات الذي تتطلبه المهنة.
فما هو غرض رجال التعليم الحديثين من جعل التعليم عملياً ولاسيما في الريف؟ إن الغرض من ذلك ليس مهنياً وإنما القصد منه ربط التعليم بالحياة مما يجعله ذا أثر فعال في النفوس وقد أوضح هذه الفكرة كاندال من أبرز رجال التربية في أمريكا إذ قال: إذا صح