وربما عجبك من بعضهم أن يأنق للفصل الأنيق أو يستجيد قصيداً جيداً. فإذا سألته عما راقه أضحكك أنه ينتخب ما لم يخطر للكاتب أو الشاعر على بال ويسهو عما عمل له وتحراه كأنه ليس في الفصل أو القصيد.
هذا محك أولئك الأدباء على ما علمت من الزلل والانحراف. وكما رأيتهم ليسوا بأخبر من قراء الأقاصيص بغرر هذا الأدب وعرره.
وأما قراء الأدب الإفرنجي فيختارون أن يقتبسوه من أمهاته. ويرتادون في لغاته وأكثرهم لا ذوق لهم ولا بصر باللغة العربية، فما هم بأفهم للمعاني المودعة فيها من سواهم.
كانت حياة الأدب بالقبيلة ثم صارت حياته بالرؤساء في القرون الوسطى وليست مصر في حال من هذين. ثم صارت حياته اليوم بالقراء، وهم في مصر كما عهدت، فهل بقي للأديب العصري إلا أن يجاهد لنفسه وهل لقارئ حق عليه؟؟.
وصف بخيل
بقلم الشاعر الكاتب مصطفى صادق الرافعي كتبها خصيصاً للبيان
أما فلان فرجل بخيل لو مسخ حجراً لكفرت من سخطها الأحجار، ولو كان حديداً لما لأن الحديد في النار، ولو صوره الله طيناً أجوف لما طن في يد أحد على نقر، ولو خلقه مرة أخرى من تراب لما جمع هذا التراب إلا من ثياب أهل الفقر.
غنى مقتصد ملء برده مال، وملء جلده آمال، يستغل الصفر فيخرج منه ألفين، ويرى من إجلال الدينار أنه كما كتب اسم الله بلامين يكتب الدينار بألفين، وكم تمنى أن يكون كإبليس في أنه لا يموت إلا متى هرم الدهر، ولا يذهب من الأرض إلا حين لا يبقى في تاريخ الأرض عام ولا شهر، وإذا خوفته الموت والحساب قال دع عنك، وإذا علم أنه سيعطي كتاب أعماله قال يا ليته من ورق البنك.
على أن درهمه في أيدي الناس هم، واسمه في أفواههم سم، وكم لدراهمه من قتيل فمن (استلف)، فقد ذهب في التلف، ومن اقترض، فقد انقرض، وكم من بئيس قشعت غمامته، ثم غالت هامته، وقضت دينه، ثم أبكت عينه، فو الذي نفسي بيده إن دراهمه للصوص، وأنه للئيم (على الخصوص)، يرسل الدرهم في يد المسكين فيذهب فيه ديناره، ويقدح فكره الخبيث فلا تقع إلا في بيوت الفقراء ناره، ولو كان مخلوقاً يوم عرض الله الأمانة على