عليهما السلام، وذلك كله ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلم أو يقول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه عمدًا، وذلك كفر، أو سهو، وهو معصوم من ذلك كله، وقد قررنا بالبراهين والإجماع عصمته صلى الله عليه وسلم من جَرَيان الكفر على قلبه أو لسانه لا عمدًا ولا سهوًا، وأن يشتبه عليه ما يلقيه الملَك بما يلقي الشيطان، أو يكون للشيطان عليه سبيل، أو يتقول على الله لا عمدًا ولا سهوًا ما لم ينزل عليه، وقد قال تعالى:{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ} الآية [الحاقة: ٤٤] ، وقال {إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَات}[الإسراء: ٧٥] .
ووجه ثانٍ: وهو استحالة هذه القصة نظرًا وعُرفًا، وذلك أن هذا الكلام لو كان كما روي لكان بعيد الالتئام متناقض الأقسام، ممتزج المدح والذم، متخاذل التأليف والنّظم، ولَمَا كان النبي صلى الله عليه وسلم ولا من بحضرته من المسلمين وصناديد المشركين ممن يخفى عليه ذلك، وهذا لا يخفى على أدنى متأمِّل، فكيف بمن رجَحَ حلمه، واتسع في باب البيان ومعرفة فصيح الكلام علمه؟!
ووجه ثالث: أنه قد علم من عادة المنافقين، ومعاندة المشركين، وضعفة القلوب، والجهلة من المسلمين، نفورهم لأول وَهْلة، وتخليط العدو على النبي صلى الله عليه وسلم لأقل فتنة، وتعييرهم المسلمين والشماتة بهم الفنية بعد الفنية، وارتداد من في قلبه