وقال القاضي عِيَاضْ: "فاعلم أكرمك الله: أن لنا في الكلام على مشكل الحديث مأخذين: أحدهما في توهِين أصله، والثاني على تسليمه.
أما المأخذ الأول، فيكفيك أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند متصل سليم، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب، المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم، وصدق القاضي بكر بن العلاء المالكي حيث قال: لقد بُلي الناس ببعض أهل الأهواء والتفسير، وتعلق بذلك الملحدون مع ضعف نقله، واضطراب رواياته، وانقطاع إسناده واختلاف كلماته. فقائل يقول: إنه في الصلاة، وآخر يقول: قالها في نادي قومه حين أنزلت عليه السورة، وآخر يقول: قالها وقد أصابته سِنة، وآخر يقول: بل حَدَّثَ نفسه فسها، وآخر يقول: إن الشيطان قالها على لسانه، وإن النبي صلى الله عليه وسلم لما عرضها على جبريل قال: ما هكذا أقرأتك؟! وآخر يقول: بل أعلمهم الشيطان أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأها، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال: والله ما هكذا أنزلت. إلى غير ذلك من اختلاف الرواة، ومن حُكيت هذه الحكاية عنه من المفسرين