متأنيًا، فتبع الشيطان تلك السكتات التي بين قوله:{وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}[النجم: ٢٠] وبين قوله تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى}[النجم: ٢١] ، فقال يحاكي صوت النبي صلى الله عليه وسلم:"وأنهن الغرانقة العلى وإن شفاعتهن لترتجى"، فأما المشركون، والذين في قلوبهم مرض لقلة البصيرة وفساد السريرة، فتلوها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونسبوها بجهلهم إليه، حتى سجدوا معه اعتقادًا أنه معهم، وعلم الذين أوتوا العلم والإيمان أن القرآن حق من عند الله، فيؤمنون به، ويرفضون غيره، وتجيب قلوبهم إلى الحق، وتنفر عن الباطل، وكل ذلك ابتلاء من الله، ومحنة، فأين هذا من قولهم؟! وليس في القرآن إلا غاية البيان بصيانة النبي صلى الله عليه وسلم في الإسرار والإعلان، عن الشرك والكُفران، وقد أودعنا إليكم توصية أن تجعلوا القرآن، إمامكم، وحروفه أمامكم، فلا تحملوا عليها ما ليس فيها، ولا تربطوا بها ما ليس منها، وما هدي لهذا إلا الطبري بجلالة قدره وصفاء فكره، وسعة باعه في العلم، وشدة ساعده وذراعه في النظر، وكأنه أشار إلى هذا الغرض، وصوَّب على هذا المرمى فقرطس بعد ما ذكر في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها، ولو شاء ربك لما رواها أحد، ولا سطرها، ولكنه فعال لما يريد، عصمنا الله وإياكم بالتوفيق والتسديد, وجعلنا من أهل التوحيد بفضله ورحمته".