للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"بنفينيسته" وترجمها، وقطعة أبي دؤاد "١٤"١، "١٨"٢، وما فيهما من إشارة إلى البيزرة، تدلان على أثر الحضارة الساسانية في العراق.

وقد تعرض "بروكلمان" لموضوع تأثر الشعر الجاهلي بمؤثرات أجنبية، فأنكر ذلك، إذ قال: "وأما ما زعمه بعض العلماء من أن مؤثرات أجنبية أثرت في فن الشعر القديم، فليس هناك ما يؤيده، نعم يريد بورداخ أن يرجع النسيب العربي إلى شعر القصور اليونانية بالإسكندرية، لأن أكثر النسيب العربي يقال في عشق النساء المتزوجات، كما هو الحال عند شعراء ملوك الإسكندرية، ويتصور انتقال هذه الصناعة إلى العرب عن طريق شعراء الملوك في الشام والعراق. ولكن مثل هذه الأبيات الغزلية، التي تشبه النسيب في مطلع القصائد وإن لم تبلغ بعد نموا كاملا، يعرفها أيضا شعر التكرية في أوائل القصائد المطولة وفي أواخرها.

ولا شك أنه من قبيل المصادفة والاتفاق أن يبدو في قصيدة للمسيب بن علس، يتكرر فيها ست مرت هذ الخطاب: ولأنت، صدى ورنين لأسلوب الأنشودة القديم الذي يتميز به أكنوستوس تيوس. كما وضح ذلك الأستاذ نوردن٣.

ونرى في الشعر العراقي وفي شعر سواحل الخليج، أي العربية الشرقية، ذكرا للبحر وللسفين. وفي شعر طرفة قوله:

كأن حدوج المالكية غدوة ... خلايا سفين بالنواصف من دد

عدولية أو من سفين ابن يامن ... يجور بها الملاح طورا ويهتدي

يشق حباب الماء حيزومها بها ... كما قسم الترب المفايل باليد٤

وصف للبحر ولسفن رجل يظهر أنه كان يهوديا صاحب سفن، ولا نجد هذا الوصف أو الالتفاتة إلى البحر في شعر الشعراء القاطنين البوادي، أو الذين لم يروا النهرين الكبيرين في العراق أو ساحل الخليج. فهذا الوصف هو من خصائص


١
فانتحى مثل ما انتحى باز دجن ... جوعته القناص للدارج
الأغاني "١٥/ ٩٥"، من الخفيف
٢
إذا شاء فارسه ضمه ... كما ضم باز إليه الجناح
غرونباوم "٣٠٢".
٣ بروكلمان "١/ ٦٢".
٤ البيت رقم "٣" وما بعده من معلقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>