للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدينا أمر التنويع في الأوزان، وجدنا هذه المدرسة قد أكثرت من بحر الرمل، ولا يستعمل هذا البحر في الشعر القديم إلا أبو دؤاد في ثلاث قصائد، وطرفة في ثلاث قصائد، وعدي في سبع قصائد، والمنقب في واحدة، والأعشى في اثنتين. ولا يستثنى من هذا الحكم أيضا إلا امرؤ القيس، القصيدة ١٨ وأقول إن هذه الحقيقة تقوي الرواية التي تقول إنه كان راوية لأبي دؤاد"١.

وقد لفت نظره وجود هذا البحر: بحر الرمل في العراق، ونموه بالحيرة بصورة خاصة، وعلل ذلك بقوله: "إن الرمل استعير من الوزن البهلوي ذي الثماني مقاطع كما صوره "بنفينيسته" "المجلة الآسيوية ٢: ٢٢١، ١٩٣٠"، وأنه عدل على نحو يلائم العروض العربي. والحق أن ليس من عقبة داخلية تقف دون القول بوجود أثر فارسي في النسق الشعري العربي، في المناطق المجاورة للدولة الفارسية والتابعة لها، ولأؤيد هذه النظرية أحيل القارئ على بحر المتقارب، فقد أثبت "بنفينيسته" أنه مشتق من البحر البهلوي hendekaayllabic ذي الأحد عشر مقطعا اثباتا يكاد لا يقبل الشك"٢.

ولاحظ "غرونباوم" أن الخاصية العروضية الثانية لمدرسة الحيرة هي نزوعها إلى بحر الخفيف، وعند أبي دؤاد منه خمس عشرة قصيدة، وعند عدي سبع، وعند الأعشى خمس، ولم يستعمل هذا البحر عند الشعراء المعاصرين إلا على نحو عارض٣. ولكننا نجد بحر الخفيف في شعر "عمرو بن قميئة"٤، وفي شعر للمرقش الأكبر٥، والمرقش الأصغر٦، وفي شعر لعبيد٧، وفي شعر ينسب لعامر بن الطفيل٨، ومعلقة الحارث بن حلزة٩.

ويعتبر "شوارتز" بحري الرمل والخفيف نوعا من الإيقاع الفارسي، انتقل إلى العربية. أما تأثير الشعر الساساني في الأعشى فيشهد به قطعة "بهلفية" طبعها


١ غرونباوم "٢٦٥ وما بعدها".
٢ غرونباوم "٢٦٥ وما بعدها".
٣ غرونباوم "٢٦٦".
٤ القصيدة ٦ و٩ "لايل".
٥ المفضليات "٤٨".
٦ المفضليات "٥٩".
٧ عبيد "١١" و "٢٧".
٨ القصيدة "٥"، والقطعة "١٤"، "لايل".
٩ غرونباوم "٢٧٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>