للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونقصد به ما صنعه الرواة من وضعهم قطعًا وقصائد على ألسنة الشعراء الجاهليين لم يقولوها، ومن إضافتهم أشعارًا على قصائد الجاهليين، أو إدخال شعر شاعر في شعر غيره: هوى وتعنتًا١. فهذا الباب هو أخطر أبواب نحل الشعر وأوسعها وأهمها، ويغطي معظم الشعر المنحول. صنعوه، لرواج سوق الشعر الجاهلي في تلك الأيام وللطلب الكثير الذي كان إذ ذاك عليه. وللربح الذي كان يجنيه حامله من روايته، مما حمل الرواة على وضع الشعر بصوغه على قوالب الشعر الجاهلي وعلى مضامينه وطرقه في التنقل في القصيدة، وقد أجاد فيه أساتذة الصنعة من أمثال "حماد" الراوية و "خلف" الأحمر، وليس في الرواة جميعًا من يدانيهما في الصنعة وإحكامها، فهما طبقة في التأريخ كله٢.

ومن أمثلة المصنوع أبيات مطلعها:

قل لعمرو يا ابن هند ... لو رأيت القوم شنا

أنشدها خلف الأحمر، وهي مصنوعة٣.

ومن أمثلة التطويل في الشعر، ما فعلوه بأبيات الطيرة للحارث بن حلزة، وهي أربعة أبيات، ولكنهم جعلوها قصيدة طويلة. والأبيات هي:

يا أيها المزمع ثم انثنى ... لا يشك الحادي ولا الشاحج

ولا قعيد أعضب قرنه ... هاج له من مربع هائج

بينا الفتى يَسْعَى ويُسعى له ... تاح له من أمره خالج

يترك ما رقح من عيشه ... يعيش منه همج هائج٤

وروي أن قول الأعشى:

كتميل النشوان ير ... فل في البقيرة وفي الأزارة


١ الرافعي "١/ ٣٧٩".
٢ الرافعي "١/ ٣٨٣".
٣ المزهر "١/ ١٧٨ وما بعدها".
٤ الرافعي "١/ ٣٨٤".

<<  <  ج: ص:  >  >>