للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدماء، زعموا أنه قال شعرًا لما أجلت "خزاعة" "جرهم" عن الحرم، هو:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العواثر

وزعموا أنه مد في عمره إلى أن أدرك الإسلام١.

ونجد في شعر "النمر بن تولب" ذكر "لقمان"٢. ونجد في أشعار شعراء آخرين إشارات إلى هؤلاء وغيرهم ممن كانت تذكرهم الأساطير وتروي أخبارهم الناس، على نحو ما نسمعه من العجائز عن قصص الماضين، وقد أشرت إلى أسماء بعض منهم في ثنايا هذا الكتاب.

وقد سبق أن ذكرت أن هذا النوع من الأساطير، لم يفت على بال بعض العلماء النقدة، وأنهم أشاروا إلى أنه من صنع جماعة من صناع الأساطير والقصص، فقد قال "ابن سلام": "وكان ممن هجن الشعر وأفسده وحمل منه كل غثاء محمد بن إسحاق بن يسار مولى آل مخرمة بن المطلب بن عبد مناف، وكان من علماء الناس بالسير والمغازي، قبل الناس عنه الأشعار وكان يعتذر منها ويقول: لا علم لي بالشعر، إنما أوتى به فأحمله، ولم يكن له ذلك عذرًا، فكتب في السيرة من أشعار الرجال الذين لم يقولوا شعرًا قط، وأشعار النساء، فضلًا عن أشعار الرجال، ثم جاوز ذلك إلى عاد وثمود، فكتب لهم أشعارًا كثيرة وليست بشعر إنما هو كلام مؤلف معقود بقوافٍ، أفلا يرجع إلى نفسه فيقول: من حمل هذا الشعر؟ ومن أداه منذ ألوف من السنين؟ والله تعال يقول: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، أي لا بقية لهم. وقال أيضًا: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى، وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} . وقال في عاد: {هَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} . وقال: وقررنا بين ذلك كثيرًا"٣.

ولكن أوسع وأظهر أبواب نحل الشعر، هو ما وضعه رواة الشعر على ألسنة الشعراء الجاهليين، وهو ما دعاه "الرافعي": ب "الاتساع في الرواية".


١ المرزباني، معجم "١٠"، ابن هشام، سيرة "١/ ٨٢ وما بعدها"، "حاشية على الروض الأنف"، الروض الأنف "١/٨٠ وما بعدها".
٢ الخزانة "٤/ ٤٤١"، "بولاق".
٣ المزهر "١/ ١٧٣"، "النوع الثامن: معرفة المصنوع".

<<  <  ج: ص:  >  >>