للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو من قصيدة مصنوعة١. وروى "أبو عبيدة" عن "أبي عمرو"، أنه قال: والله ما كذبت فيما رويته حرفًا قط، ولا زدت فيه شيئًا إلا بيتًا في شعر الأعشى، فإني زدته، فقلت:

وأنكرتني وما كان الذي نكرت ... من الحوادث إلا الشيب والصلعا٢

وروي أن "حمادًا كان يقول: ما من شاعر إلا وقد حققت في شعره أبياتًا فجازت عنه، إلا الأعشى، أعشى بكر، فإني لم أزد في شعره قط غير بيت. قيل له: وما البيت؟ فقال:

وأنكرتني وما كان الذي نكرت"٣.

فأنت أمام روايتين متناقضتين، رواية تنسب وضع البيت إلى "أبي عمرو بن العلاء"، ورواية تنسب وضع ذلك البيت إلى "حماد". وسبب التناقض العصبية ولا شك.

ويجب أن نضيف على الشعر المصنوع على ألسنة الجاهليين، الشعر الذي وضع على ألسنة الصعاليك واللصوص، فقد كان الناس يتسقطون أخبار هؤلاء ويتلذذون بسماع مغامراتهم وسطوهم، شأن الناس في كل وقت ومكان من الميل إلى التلذذ بسماع مثل هذه الأخبار، وهذا ما حمل صناع الأخبار والأساطير على وضع الشعر على ألسنة الصعاليك واللصوص لتزيين أخبارهم وترصيعها به، على طريقتهم في رواية أيام العرب وأخبارهم، وفي شعر هذه الطبقة شعر كثير مصنوع.

وهناك شعر وضع للتسلية وللهو من ذلك شعر الفسق والمجون، من ذلك ما نسب إلى "ابنة الخس" من قول، هو:

سلوا نساء أشجع ... أي الأيور أنفع

أألطويل النعنع ... أم القصير المردع

أم الذي لا يرفع ... أم الأسك الأصمع


١ الزجاجي، مجالس العلماء "١٣٠".
٢ الزجاجي، مجالس العلماء "٢٣٥".
٣ الرافعي، تأريخ آداب العرب "١/ ٣٨٣ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>