للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسأل المعري آدمَ عن لسانه، ثم أجاب عنه بقوله: "إنما كنت أتكلم بالعربية وأنا في الجنة، فلما هبطت إلى الأرض، نقل لساني إلى السريانية، فلم أنطق بغيرها إلى أن هلكت، فلما ردني الله -سبحانه وتعالى- إلى الجنة، عادت عليَّ العربية، فأي حين نظمت هذا الشعر: في العاجلة أم الآجلة؟ "١.

ثم تراه يتحدث عن الشعر المنسوب إلى الجن، وإلى أشعار أخرى، فتراه يردها وينتقدها، ويشير إلى وجود شعر مصنوع وضع على الإنس والجن. تراه يقول: "وكنت بمدينة السلام، فشاهدت بعض الوراقين يسأل عن قافية عدي بن زيد التي أولها:

بكر العاذلات في غلس الصبـ ... ـح يعاتبنه أما تستفيق

ودعا بالصبوح فجرًا فجاءت ... قينة في يمينها إبريق

وزعم الوراق أن ابن حاجب النعمان سأل عن هذه القصيدة وطلبت في نسخ من ديوان عدي، فلم توجد. ثم سمعت بعد ذلك رجلًا من أهل استراباذ يقرأ هذه القافية في ديوان العبادي، ولم تكن في النسخة التي في دار العلم"٢. وقد تحدث أبو العلاء المعري في "رسالة الغفران" عن القصيد التي أولها:

ألِمّا على الممطورة المتأبدة ... أقامت بها في المربع المتجردة

مضمَّخة بالمسك مخضوبة الشوى ... بدرٍّ وياقوت لها متقلدة

كأن ثناياها -وما ذقت طعمها- ... مجاجة نحل في كُميت مبردة

ليقرر بها النعمان عينًا فإنها ... له نعمة في كل يوم مجددة

فقال إنها من الشعر المنحول، نحلت على النابغة ونسبت إليه. وقال على لسانه: "فيقول أبا أمامة: ما أذكر أني سلكت هذا القري قط. فيقول مولاي الشيخ زين الله أيامه ببقائه: إن ذلك لعجب، فمن الذي تطوع فنسبها إليك؟ فيقول إنها لم تنسب إلي على سبيل التطوع، ولكن على معنى الغلط والتوهم، ولعلتها


١ رسالة الغفران "٣٦١ وما بعدها".
٢ رسالة الغفران "١٤٦ وما بعدها".

<<  <  ج: ص:  >  >>