للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذكر أن غيره قام برسم النحو، إذ قال: "وقال آخرون رسم النحو نصر بن عاصم الدؤلي، ويقال الليثي. قرأت بخط أبي عبد الله بن مقلة عن ثعلب، أنه قال: روى ابن أبي لهيعة عن أبي النضر، قال: كان عبد الرحمن بن هرمز أول من وضع العربية، وكان أعلم الناس بأنساب قريش وأخبارها وأحد القراء"١.

وقد رد "ابن الأنباري" على من ذهب إلى أن علم النحو من صنع رجل آخر غير "أبي الأسود"، إذ قال: فأما زعم من زعم أن أول من وضع النحو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ونصر بن عاصم فليس بصحيح، لأن عبد الرحمن بن هرمز، أخذ النحو عن أبي الأسود، وكذلك أيضًا نصر بن عاصم أخذه عن أبي الأسود، ويقال عن ميمون الأقرن"٢. وكان قد ذكر ما ورد في الأخبار من قيام أبي الأسود به، ثم رجحها على غيرها بقوله: "والصحيح أن أول من وضع النحو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لأن الروايات كلها تسند إلى أبي الأسود، وأبو الأسود يسند إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فإنه روي عن أبي الأسود أنه سئل فقيل له: من أين لك هذا النحو؟ فقال: لفقت حدوده من علي بن أبي طالب رضي الله عنه"٣.

ويلاحظ أن الذين رجعوا سبب وضع النحو إلى الخطأ في قراءة الآية: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} ٤، قد اختلفوا فيما بينهم في العهد الذي لحن فيه قارئ الآية في قراءتها، فمنهم من جعله في عهد عمر ٥، ومنهم من صيره في عهد علي٦، ومنهم من رجعه إلى أيام "زياد بن أبيه"، فأنت أمام رواية واحدة، لكنك تراها وقد نسبت إلى ثلاثة عهود، ومثل هذا الاختلاف أمر غير غريب بالنسبة إلى مراجعي الموارد الإسلامية، إذ نجد فيها أمثلة كثيرة من أمثاله، ويظهر أن الرواة تلاعبوا في الخبر، فنسبه كل واحد منهم إلى عهد لغاية أرادها، من هذا التحريف والتغيير.


١ الفهرست "ص٦٥".
٢ نزهة الألباء "١٠"، "تحقيق محمد أبي الفضل إبرهيم".
٣ المصدر نفسه"١١".
٤ [التوبة، الآية: ٣] .
٥ نزهة "٨".
٦ الخصائص "٢/ ٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>