للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: يا أمير المؤمنين، إني قدمت المدينة، ولا علم لي بالقرآن، فسألت من يقرأني، فأقرأني هذا سورة براءة، فقال: "إن الله بريء من المشركين ورسولِهِ"، فقلت: أو قد برئ الله تعالى من رسوله! إن يكن برئ من رسوله، فأنا أبرأ منه. فقال له عمر رضي الله عنه: ليس هكذا يا أعرابي، فقال: كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} ، فقال الأعرابي: وأنا والله أبرأ ممن برئ الله ورسوله منه. فأمر عمر -رضي الله عنه- ألا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة، وأمر أبا الأسود أن يضع النحو"١.

وذكر أن عمر بن الخطاب كتب إلى "أبي موسى" الأشعري، كتابًا فيه: "أما بعد: فتفقهوا في الدين وتعلموا السنة، وتفهموا العربية، وتعلموا طعن الدرية، وأحسنوا عبارة الرؤيا، وليعلم أبو الأسود أهل البصرة الإعراب"٢.

ويفهم من هذا الكتاب، أن أبا الأسود كان على علم بالنحو وبالإعراب قبل أيام "علي"، ولهذا طلب الخليفة من عامله أن يكلف أبا الأسود بتعليم أهل البصرة الإعراب.

ويظهر من الرواية التي ذكرتها عن التقاء أبي الأسود بعبد الله بن عباس، وقوله له: أني أرى ألسنة العرب قد فسدت، فأردت أن أضع شيئًا لهم يقومون به ألسنتهم، ومن رد عبد الله بن عباس عليه بقوله له: "لعلك تريد النحو"٣، إن ابن عباس، كان على علم بالنحو، ودليل على ذلك نصه على اسمه، مما يدل على أنه كان معروفًا. وذكل إن جاز لنا التصديق بصحة هذه الروية، التي أرى أنها من المصنوعات.

وكان أبو الأسود مثل غيره من العرب الفصحاء يكره اللحن واللحانين. روي عنه أنه ذكر اللحن، فقال: "إني لأجد للحن غمزًا كغمز اللحم"٤.

ولأبي الحسن أحمد بن فارس المتوفى سنة ٣٩٥ للهجرة، وهو كما نعلم من مشاهير علماء اللغة، رأي طريف في منشأ هذا العلم خلاصته: أن أبا الأسود كان


١ ابن الأنباري، نزهة "٨"، الكشاف، للزمخشري "٢/ ١٩١".
٢ القِفْطي، إنباه الرواة على أنباه النحاة "١/ ١٦"، خورشيد أحمد فارق، حضرت عمر كي سر كاري خطوط "دهلي١٩٥٩"، "ص١٣٩ وما بعدها"، "القسم العربي"، John A. Haywood, Arabic Lexicography, p. ١٤.
٣ القِفْطي "١/ ١٦".
٤ عيون الأخبار "٢/ ١٥٨".

<<  <  ج: ص:  >  >>