للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولذلك نهت عنه١. والجاهليون لا يختلفون من هذه الناحية عن غيرهم إن لم يزيدوا عليهم في هذه الأمور التي يعدونها حرمة وكرامة للإنسان. وتشريح الميت وتقطيع بعض أجزاء جسمه، اعتداء على حرمة الميت، وإهانة له ولأهله الأحياء، ولهذا لا نطمع في الحصول على موارد قد تفيد بوجود خبرة علمية عند الأطباء الجاهليين ناتجة من تجاربهم وبحوثهم التي حصلوا عليها من التشريح.

ولم يرد إلينا أي شيء مفيد في الكتابات الجاهلية عن الطب والأطباء، وإن أملنا الوحيد في الحصول على معارف عن الطب، متوقف على المستقبل يوم يقوم علماء الآثار بالتنقيب تنقيبًا علميًّا عميقًا في باطن الأطلال الأثرية، للكشف عن تاريخ الماضين. وعندئذ يكون من الممكن العثور على نصوص قد تكشف النقاب عن الطب الجاهلي وعن العلوم الأخرى وعن مختلف نواحي الثقافة عند الجاهليين.

ويقال للمرض "مرضم" أي: مرض في الكتابات الجاهلية٢. وتؤدي لفظة "حلصم" "حلظم" "حلظ" معنى مرض وباء٣. ويتبين من بعض الكتابات أن أوبئة شديدة وأمراضًا مهلكة كانت تقع في بعض الأحيان، فتفتك بالناس. وقد كانوا يتجنبونها بالتضرع إلى الآلهة للرحمة بهم وتخليصهم من الضر، كما كانوا يتركون المدن والأماكن المزدحمة إلى محلات بعيدة مكشوفة غير موبوءة حتى ينكشف الوباء. وفي جملة هذه الأوبئة الطاعون.

ويعبر عن المرض في المسند بلفظة أخرى هي "شين"، وهي في معنى "شعين" sha'en في الأثيوبية و"سيعون" Se'on في العبرانية و"شينو" Shenu في البابلية٤، وذلك كما في هذا النص السبئي: "تشين شين ارجلهو"٥، أي


١ Hastings, Dict, p. ٥٩٨.
٢ Rhodokanakis, Katab. Texte, II, S. ٣٣, Jamme, Sabaen Inscriptions, p. ٤٤١.
٣ خليل يحيى نامي، نشر نقوش سامية قديمة من جنوب بلاد العرب وشرقها، "ص٣٦"، السطر السادس من النص رقم٢٢.
Rhodokanakis, Kata. Texte, II, S. ٣٣, CIH, ٤٠٧, Mardtmann und Mittwoch, alt. Inscri, S. ٤٧.
٤ Repe. Epi. Semi, Tome VII, Prjm. Livr, p. ٣٠. F. Num. ٣٩٩١.
٥ المصدر نفسه، الفقرة: ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>